منذ أن شهدت ليبيا استقرارا نسبيا عقب انتهاء اجتماعات ملتقى الحوار السياسي الليبي إلى تشكيل مجلس رئاسي وحكومة مؤقتة للوصول إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية، تسعى تركيا التي كانت آنذاك الحليف العسكري البارز للغرب الليبي إلى التقارب مع المعسكر الشرقي أيضا، وفتح قنوات اتصال مباشرة؛ لإذابة الجليد، وطي صفحة الماضي.
ولترجمة هذه الرغبة التركية على أرض الواقع، بادرت أنقرة بدعوة أعضاء من مجلس النواب الليبي على رأسهم النائب الأول لرئيس المجلس فوزي النويري إلى زيارتها، وإجراء محادثات مع مسؤوليها وعلى رأسهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وذلك في منتصف ديسمبر الماضي.
هذه الزيارة انعكست بشكل إيجابي على الأجواء داخل المنطقة الشرقية، حيث جاء البرلمانيون الليبيون برسائل إيجابية من شأنها أن تنهي القطيعة التي دامت لسنوات، ليؤكد السفير التركي في طرابلس كنعان يلماز على ذلك بالذهاب إلى بنغازي في نهاية يناير من العام الجاري رفقة رجال أعمال أتراك.
كنعان أكد لوسائل إعلام عقب زيارته أن تركيا تنظر إلى ليبيا كبلد موحد، ولا تفرق بين منطقة وأخرى، مشيرا إلى أن ليبيا دولة شقيقة وصديقة تربطها مع تركيا روابط تاريخية متميزة.
لم يتوقف الانفتاح بين أنقرة والشرق الليبي عند هذا الحد، فقد حدثت المفاجأة الكبرى بلقاء رئيس مجلس النواب عقيلة صالح بالرئيس أردوغان في أنقرة، وكذلك برئيس البرلمان التركي مصطفى شنطوب، لتكون هذه اللحظة إعلانا رسميا لعودة العلاقات بين الجانبين إلى سيرها الطبيعي، وإنهاء سنوات من العداء.
ولضعفها الشديد، الذي بات يعلمه الجميع عن حكومة لا تتجاوز سلطتها أسوار العاصمة طرابلس، استفادت تركيا من هذا الضعف في حكومة الدبيبة التي تسعى للبقاء، لتحصيل أكبر استفادة ممكنة، كاستراتيجية سياسية، وآخر ذلك الاتفاقية المبرمة في الاستثمار النفطي تقضي بعمليات تنقيب في المياه الليبية المقابلة لسواحل المنطقة الشرقية، غير أنها لاقت معارضة داخلية وخارجية.
فعلى الصعيد الدولي، أعلن الناطق باسم الخارجية المصرية أحمد أبوزيد رفض القاهرة التام لهذا الأمر، مبينا أن هذه الاتفاقية مبرمة من قبل حكومة منتهية الولاية لا تملك الصلاحية لتوقيع مثل هذه الاتفاقيات، كما أن ملتقى الحوار السياسي لا يتيح لها هذا الأمر، لاسيما وأنه يؤثر على علاقات ليبيا الخارجية.
من جانبها شددت الخارجية اليونانية على أن أي إشارة أو إجراء يتم اتخاذه لتنفيذ “المذكرة” سيكون بحكم الواقع غير قانوني، واعتمادا على خطورته، سيكون هناك رد فعل على المستوى الثنائي وعلى مستوى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.
خلاف يراه سياسيون قد يؤثر على مصير العلاقات الليبية التركية، ما يستدعي ضرورة إيقافها، ووضع حد للتعامل مع حكومة الدبيبة التي تمنعها القوانين الليبية والأممية من ترتيب التزامات على الدولة الليبية، وإرهاق كاهلها بمذكرات واتفاقيات ربما سيتم إعادة النظر فيها.
مناقشة حول هذا post