أعربت الحكومة في بنغازي عن إدانتها لما سمته التصرف الخطير وغير المسبوق الذي أقدمت عليه بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، عبر توقيع اتفاق مع دولة قطر لتمويل ما يسمى بالحوار السياسي الهيكلي.
وقالت الحكومة، إن هذا الفعل يشكل تجاوزاً سافراً وغير مقبول للصلاحيات الممنوحة للبعثة، واعتداءً مباشراً على السيادة الليبية، وانحرافاً صارخاً عن المعايير الدولية التي تلزم البعثات الأممية بالحياد والاحترام الكامل لسلطات الدولة المضيفة.
وأكدت الحكومة في بنغازي أن بحث بعثـــة الأمـــم المتحــــدة عن تمويـــــل خارجـــــي لعمليات سيــــاسية داخل ليبــيا دون أدنى تشاور أو إخطار لأي جهة ليبية يمثل انتهاكاً فجا للأعراف الدبلوماسية، ويدل على نهج غريب ومشبوه يتعارض كلياً مع طبيعة ودورها المفترض، ويثير شكوكا جديـــة حول نواياها الحقيقية.
وطالبت الحكومة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بضرورة تحمله للمسؤولية القانونية والأخلاقية تجاه ما تقوم به البعثة من تصرفات مرفوضة جملة وتفصيلاً، وتتعارض مع المصالح العليا للدولة الليبية وشعبها.
واعتبرت الحكومة في بنغازي أن ما قامت به البعثة يعد انحرافاً متعمداً وخطيراً على المبادرات الوطنية الليبية، ومحاولة واضحة لإحياء وإعادة مسارات سياسية مفروضة من الخارج بعيداً عن إرادة الشعب الليبي ومؤسساته الشرعية، ويتنافى مع مبدأ “ملكية وقيادة الليبيين لعمليتهم السياسية”، الذي دأبت البعثة دائماً على ترديده دون أن تلتزم به عملياً.
وأعلنت الحكومة في بنغازي إيقاف كافة أشكال التعامل والتنسيق مع بعثة الأمم المتحدة إلى حين تراجعها الكامل عن هذا السلوك واعتذارها الرسمي مع مطالباتها بتقديم توضيح مفصل حول دوافع هذه الخطوة الخطيرة وإلغاء أي تفاهمات مالية أو سياسية جرى تمريرها من وراء ظهر الدولة الليبية.
وحملت الحكومة في بنغازي البعثة المسؤولية الكاملة عن زعزعة الثقة وتقويض العملية السياسية وإضاعة الفرص المتاحة لتحقيق مسار وطني حقيقي، وتؤكد بشكل قاطع أن أي مبادرة سياسية أو خارطة طريق أو عملية حوارية لن تكون معترفاً بها ولا شرعية لها ما لم تكن خالصة من الداخل، وبعيدة تماماً عن التمويل الخارجي أو التأثيرات غير المشروعة.
ورحبت المبعوثة الأممية إلى ليبيا هانا تيتيه بتوقيع اتفاقية تمويل من الحكومة القطرية، وقعها سفير دولة قطر لدى ليبيا، خالد الدوسري والممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، صوفي كيمخدزه، وذلك دعماً للمشروع المشترك “مشروع دعم الحوار السياسي وتعزيز المشاركة المدنية”.
ووفق البعثة سيسهم هذا التمويل في تعزيز جهود الأمم المتحدة لتنفيذ خارطة الطريق التي تيسّرها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، والتي قدّمتها الممثلة الخاصة تيتيه إلى مجلس الأمن في 21 أغسطس 2025، كما سيعمل على تعزيز المشاركة المدنية الواسعة دعماً لعملية سياسية ليبية القيادة والملكية.
ويأتي الموقف الجديد للحكومة امتداداً لسلسلة انتقادات سابقة وجهتها للبعثة الأممية خلال الأشهر الماضية، آخرها بيان أصدره رئيس الحكومة أسامة حماد، عقب إعلان البعثة عن الشروع في قبول الترشيحات لـ”الحوار المهيكل”، واتهمها بأنها تجاوزت المراحل الأولى من خريطة الطريق الأممية الخاصة بتعديل مجلس مفوضية الانتخابات والقوانين الانتخابية.
وانتقد حماد كذلك مخاطبة البعثة الجامعات والبلديات والهيئات والمؤسسات الليبية مباشرة دون المرور على حكومته، واصفاً ذلك بأنه “إصرار من البعثة على تجاوز القوانين والتشريعات الليبية والمواثيق الدولية المنظمة للعمل الدبلوماسي”، وأن وزارة الخارجية هي الجهة السيادية المخولة قانوناً بإدارة العلاقات الخارجية”، وحذر جميع المؤسسات والهيئات الليبية من التعامل مع البعثة دون الرجوع إلى حكومته.




مناقشة حول هذا post