بعد موجة تطبيع الدول العربية مع إسرائيل ورغم عدم وجود علاقات دبلوماسية، لقاء ذو طابع خاص يجمع وزيرة خارجية حكومة الدبيبة نجلاء المنقوش مع نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين بالعاصمة الإيطالية روما، لقاء وإن غلف بلغة تعزيز العلاقات التاريخية والتعاون الثنائي، إلا أن واقع الحال يقول إن تل أبيب تريد جر ليبيا رسميا إلى مسلسل التطبيع.
ووفق وكالة رويترز بحث الطرفان الإمكانات الكبيرة للعلاقات بين البلدين، فضلا عن أهمية الحفاظ على تراث اليهود الليبيين، بما يشمل تجديد المعابد والمقابر اليهودية في البلاد.
وناقش الجانبان العلاقات التاريخية بين البلدين، وإمكانية التعاون بين الدولتين والمساعدات الإسرائيلية في القضايا الإنسانية والزراعة وإدارة المياه.
فيما نقلت رويترز عن مسؤول إسرائيلي، أن لقاء نجلاء المنقوش مع وزير خارجية إسرائيل إيلي كوهين جرى التنسيق بشأنه على أعلى المستويات في البلدين.
وأوضح المسؤول أن الاجتماع جرى الاتفاق عليه مسبقا واستمر لقرابة ساعتين من الزمن، حيث يرى عبدالحميد الدبيبة أن إسرائيل بمثابة جسر محتمل للغرب والإدارة الأمريكية.
من جانبها، ذكرت القناة “13” الإسرائيلية، أن كوهين والمنقوش بحثا التعاون وإمكانية حصول ليبيا على مساعدة إسرائيلية في المجال الإنساني.
ونقلت القناة عن كوهين قوله إنهم يعملون من أجل التواصل مع المزيد من الدول في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا، بهدف توسيع دائرة السلام والتطبيع مع إسرائيل، واعدا ببناء العلاقة مع ليبيا كونها تشكل تطورا مهما بالنسبة لإسرائيل بفضل موقعها الإستراتيجي.
ونقل موقع “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلي، عن مسؤولين سياسيين لم يسمهم، قولهم إن اللقاء بين الطرفين تم بعد تنسيق على أعلى المستويات في البلدين، وكان قد اتُفق مسبقاً على أن يُنشر.
وأضاف المسؤولون، بحسب الموقع، أن كوهين توجه خصيصا إلى روما من أجل لقاء المنقوش في دار ضيافة رسمية تابع لوزارة الخارجية الإسرائيلية، ولم يكن لقاء بالصدفة، وأن الوزيرة لم تفعل شيئاً دون علم الدبيبة.
من ناحيتها، قالت وكالة أسوشيتد برس إن مسؤولين بحكومة طرابلس أكدوا لهم علم عبدالحميد الدبيبة بمحادثات نجلاء المنقوش ووزير الخارجية الإسرائيلي.
وأفادت أسوشيتد برس بأن عبدالحميد الدبيبة أعطى الضوء الأخضر لاجتماع المنقوش والمسؤول الإسرائيلي أثناء زيارته روما الشهر الماضي، وأن نجلاء المنقوش أطلعت الدبيبة على نتائج محادثاتها مع وزير الخارجية الإسرائيلي فور وصولها إلى طرابلس
وأشارت أسوشيتد برس إلى أن عبدالحميد الدبيبة أعطى الولايات المتحدة موافقة مبدئية على انضمامه إلى اتفاق السلام مع إسرائيل.
في غضون ذلك، أفادت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، الاثنين، بأن ليبيا طلبت محو البيان الذي نشرته وزارة الخارجية الإسرائيلية عبر حساباتها.
وأوضحت الصحيفة عبر موقعها أن “البيان الرسمي بشأن لقاء كوهين والمنقوش صدر بعد ظهر أمس الأحد، ونُشر خلال فترة قصيرة عبر الحسابات الرسمية لوزارة الخارجية الإسرائيلية، بما فيها الحسابات باللغة العربية على مواقع التواصل الاجتماعي”.
وجاء المؤشر الأول على أن البيان يشكّل مشكلة بالنسبة للحكومة الليبية، بعد نحو ساعة، حين اضطرت الخارجية الإسرائيلية لمحو البيان باللغة العربية بعد طلب عاجل من قبل الجانب الليبي. وتم محو البيان العربي من حسابات الوزارة، لكن بعد فوات الأوان.
وتم تعميم البيان على وسائل الإعلام الإسرائيلية أمس الأحد من قبل الخارجية الإسرائيلية، بتعليمات من وزير الخارجية إيلي كوهين، وتم اقتباسه على نحو واسع في وسائل إعلام عربية
ومن أجل الحد من الغضب الشعبي والرسمي تجاه اللقاء، أقدم الدبيبة على إيقاف المنقوش عن العمل، وأحالها إلى التحقيق على خلفية لقائها بنظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين في العاصمة الإيطالية روما.
ونص قرار الدبيبة على لجنة للتحقيق مع المنقوش، برئاسة وزيرة العدل حليمة البوسيفي، وعضوية كل من وزير الحكم المحلي بدر الدين التومي، والمكتب القانوني برئاسة الحكومة، موصيا بأن تحيل نتائج أعمالها في أجل أقصاه ثلاثة أيام.
من جانبها، ودفاعا عن نفسها أمام الرفض الشعبي قالت خارجية الدبيبة في بيان لها إنها تؤكد التزامها الكامل بالثوابت الوطنية تجاه قضايا الأمتين العربية والإسلامية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، مشددة على تمسكها بالقدس عاصمة أبدية لفلسطين، وهذا موقف راسخ لا تراجع عنه.
وأوضحت الوزارة أن المنقوش رفضت عقد أي لقاءات مع أي طرفٍ ممثل للكيان الإسرائيلي وما زالت ثابتة على ذلك الموقف بشكل قاطع، واصفة لقاء روما بأنه لقاء عارض غير رسمي وغير مُعَد مسبقا، أثناء لقاء مع وزير الخارجية الإيطالي.
ونفت الوزارة في بيانها أن يكون اللقاء قد تضمن أي مباحثات أو اتفاقات أو مشاورات، مؤكدة ثوابت ليبيا تجاه القضية الفلسطينية بشكلٍ جَلي وغير قابل للتأويل واللبس، نافية كذلك جملة وتفصيلا ما ورد من استغلال من قبل الصحافة العبرية والدولية، ومحاولتهم إعطاء الحادثة طابع اللقاء أو المحادثات أو حتى الترتيب أو مجرد التفكير في عقد مثل هكذا لقاءات.
ويبقى لقاء وزيرة خارجية حكومة الدبيبة نجلاء المنقوش مع نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين النقطة التي أفاضت الكأس، ففي فبراير الماضي أفادت تقارير بأن الدبيبة يعمل على تطبيع العلاقات مع إسرائيل عبر الإمارات العربية المتحدة طمعا في دعم الولايات المتحدة لبقائه في السلطة، بحسب وكالة نوفا الإيطالية.
وفي أبريل الماضي زار وزير العمل بحكومة الدبيبة علي العابد الأراضي الفلسطينية المحتلة رفقة وفد من رجال الأعمال يرأسهم رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة محمد الرعيض في زيارة أدانها رئيس مجلس الدولة حينها خالد المشري لكونها خطوة تطبيعية فيما نفى العابد ذلك.
كما أنه، وبعد زيارة رئيس المخابرات الأمريكية وليام بيرنز لطرابلس في يناير 2023 رجحت تقارير اجتماع الدبيبة سرا مع رئيس جهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلي “الموساد” في العاصمة الأردنية عمان، وبحسب هذه التقارير، فإن الدبيبة طلب من إسرائيل الدعم للبقاء في منصبه خلال الفترة الانتقالية قبيل الانتخابات.
مناقشة حول هذا post