رغبة أمريكية في ترك يدها مبسوطة على الأزمة الليبية، عبر تعيين الدبلوماسية الأميركية ستيفاني خوري نائبا لرئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عبدالله باتيلي مكلفة بالملف السياسي، مترجمة تحكمها بالمنصب الذي كانت وراء استحداثه بموجب قرار مجلس الأمن الرقم 2542 لسنة 2020، وتعاملت معه بمقاربة إستراتيجية حتى تبقى قريبة من تفاصيل المشهد المعقد سياسيا وأمنيا واقتصاديا وجغرافيا.
وشغلت خوري مناصب عدة مرتبطة بإدارة النزاعات وبناء السلام في الشرق الأوسط على مدى 30 عامًا، نحو 15 عامًا منها في دول العراق ولبنان وليبيا وسوريا السودان واليمن.
وتعتبر خوري ثاني أمريكية تشغل منصب نائب المبعوث الأممي في ليبيا، عقب مواطنتها ستيفاني وليامز التي شغلت المنصب إبان ولاية المبعوث الأسبق غسان سلامة، قبل أن تتولى إدارة البعثة بالإنابة.
وتعرف واشنطن أن وجود شخصية أميركية في وظيفة نائب أهم بكثير وأبلغ تأثيرا من وجود شخصية من بلد آخر، تبين ذلك بالخصوص عندما استقال غسان سلامة من ذلك منصب المبعوث الأممي في فبراير 2020 لأسباب وصفها بالصحية، وحلت مكانه نائبته الأميركية المخضرمة ستيفاني ويليامز واصفة الساسة في ليبيا بالديناصورات، والتي سعت بدعم من سفير بلادها ريتشارد نورلاند إلى استعمال كل ما لدى بلادها من آليات ضغط لجمع الليبيين على طاولة الحوار، فنجحت في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بعد اجتماعات ماراثونية للجنة العسكرية المشتركة 5+5 واتفاق جنيف الذي أفرز الدبيبة المؤقتة وفق الاتفاق.
وجاء تعيين خوري في مرحلة مفصلية بعد أن عجز المبعوث الأممي عبدالله باتيلي عن إقناع الفرقاء الليبيين بقبول مبادرته التي أطلقها في نوفمبر الماضي بخصوص الطاولة الخماسية، وسط احتدام الصراع بين رئيس محافـظ مصرف ليبيا المركزي ورئيس الحكومة في طرابلس بعد تفاقم الأزمة المالية، وخاصة في علاقة بانهيار الدينار أمام العملات الأجنبية في السوق الموازية، وفي الكشف عن ملفات التبذير وهدر المال العام وما يدور في قلب الفساد ومن حوله من داخل منظومة الحكم في العاصمة والشبكات المستفيدة منها والمتحالفة معه، كما جاء تعيين خوري في الوقت الذي دخلت فيه المواجهة مرحلة كسر العظم بين رئيس مجلس النواب عقيلة صالح الذي يصر على تشكيل حكومة جديدة واحدة تشرف على تنظيم الانتخابات، وبين الدبيبة المتمسك بمقاليد السلطة.
وقبل أيام، أكد المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا، السفير ريتشارد نورلاند، خلال اجتماعه مع الدبيبة على أهمية تشكيل حكومة تصريف أعمال لإزالة العقبات المتبقية أمام إجراء الانتخابات، كما أكد أن بلاده تدعم أيضا الجهود الليبية الرامية إلى توحيد المؤسسات الأمنية والحفاظ على سيادة ليبيا والتوصل إلى توافق وطني حول سياسات اقتصادية وسياسات ميزانية شفافة ومستدامة.
وقبل أسبوع طالب أعضاء المجلس الأعلى للدولة والبرلمان في اجتماع عقد في تونس بتشكيل حكومة وطنية جديدة تفي باستحقاقاتها الانتخابية وانتخاب رئيس الحكومة الجديدة عبر آلية شفافة ونزيهة برعاية البعثة الأممية، وفق خارطة طريق تم اعتمادها بالاتفاق بين المجلسين.
ليس هذا فقط، فمجلس الأمن الدولي لوّح بفرض عقوبات على الأفراد أو الكيانات الذين يهدّدون السلام أو الاستقرار أو الأمن في ليبيا، أو يعيقون أو يقوّضون استكمال عملية الانتقال السياسي بنجاح، بما في ذلك عن طريق عرقلة الانتخابات.
وحثّ مجلس الأمن الدولي القادة الليبيين على ضرورة الانخراط في عملية سياسية شاملة تحت رعاية الأمم المتحدة، تؤدي إلى إجراء انتخابات عامة في البلاد في أقرب وقت ممكن.
ودعا الليبيين إلى ضرورة البناء على الاتفاق السياسي الليبي وخارطة الطريق لملتقى الحوار السياسي الليبي، فضلا عن القوانين الانتخابية المحدثة التي اتفقت عليها لجنة 6+6، مشدّدا على أهمية إحراز تقدم ملموس على المسارات الأمنية والاقتصادية والسياسية.
ومع وصول ستيفاني خوري إلى طرابلس هل سيكون بإمكانها التحكم في البعثة الأممية كما فعلت ستيفاني ويليامز وسط حضور روسي تركي في قلب الأزمة الليبية.
مناقشة حول هذا post