يوما بعد يوم، يتضح أن المشهد السياسي الليبي بدأ يفرز طبقة سياسية ضيقة وشبه دائمة لا يمكن تجاوزها وهي التي تتشبت بالسلطة وتقوي نفوذها، والتي باتت الفاعل الأساسي الذي يجب الاحتكام له في أي تسوية قادمة، وهذا ما كرسته مبادرة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي.
فالمعجم السياسي الليبي وحتى إلى زمن قريب كان يوظف “الأطراف” هو التعبير المتداول عن الفرقاء في الملف السياسي، ليدل على مجمل من في المشهد بكامل مجالسه، سواء من المجلس الرئاسي أو مجلسي النواب والدولة والحكومة والبلديات وغيرها من الهياكل السياسية والعسكرية والأمنية المتنفذة في المشهد.
لكن حصر البعثة الأممية للحوار السياسي في من وصفهم المبعوث الأممي عبد الله باتيلي، بـ”الخمسة الكبار”، وتوجيه دعوة لهم بأسمائهم، وهم رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح ، ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، ورئيس الحكومة في طرابلس عبد الحميد الدبيبة، والقائد العام خليفة حفتر، فهو إما إيمان بأن تجاوز الانسداد السياسي بيد التركيبة الخماسية، أو أن مصالح دولية في الملف الليبي هي من تقود الأوضاع ، من بوابة البعثة الأممية، إلى حصر المشهد في هذه الشخصيات بعينها ضمانا لمصالحها وتفعيل التوازنات.
وخلال آخر إحاطة له، قال المبعوث الأممي عبد الله باتيلي إن بعض القادة الليبيين يستمرون في المماطلة ولا يبدون التزاماً حاسما لإنهاء الانسداد الذي طال أمده والذي تسبب في معاناة للشعب الليبي.
وأضاف أن “لهذه الأطراف التي جرى اختيارها القدرة إما على التوصل إلى توافق وإحراز تقدم في العملية السياسية أو إطالة الانسداد ومنع ليبيا من إجراء انتخابات سلمية”.
وتابع أن التنافس فيما بينهم وانعدام الثقة فيما بينهم هو أساس هذه الأزمة التي طال أمدها ويقف على الطرف النقيض للوحدة التي يتوق لها المواطنون الليبيون.
وتبقى أكبر مخاطر التركيبة الخماسية هو حصر المشهد في شخصيات بعينها تملك قرار الحل والتأزيم، ما يعني تشكيل طبقة سياسية دائمة بمرور الوقت، خصوصاً أن أغلب هذه الشخصيات باتت تملك أسباب البقاء.. المال والسلاح.
مناقشة حول هذا post