قرر مجلس الأمن تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا حتى 31 أكتوبر 2024.
واعتمد المجلس بالإجماع القرار، مكررا دعمه لرئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، عبد الله باتيلي، في جهوده الرامية إلى تعزيز عملية سياسية شاملة تستند إلى الاتفاق السياسي وخريطة طريق منتدى الحوار السياسي الليبي.
ووفقاً لقرار مجلس الأمن بإنشاء البعثة الأممية للدعم في ليبيا منذ العام 2011، فإن دورها الأساسي يقوم على “ممارسة الوساطة” و”المساعي الحميدة” لتعزيز عملية سياسية شاملة، تثبّت وقف إطلاق النار وتهيئ الأجواء لإجراء انتخابات لإنهاء المراحل الانتقالية.
وبالتالي، فإن دور باتيلي، ومن سبقوه من مبعوثين أممين، ينحصر في “الوساطة” الأممية، كما هي أدوار البعثة الأممية في البلدان التي تعاني أزمات سياسية وصراعات مسلحة.
وفي عهد باتيلي، لم يشهد الملف السياسي في ليبيا أي تقدم محرز باستثناء إعلانه أكثر من مرة عن عزمه إطلاق عملية حوار سياسي جديد.
وفي آخر إحاطة له أمام أعضاء مجلس الأمن، اتسمت الإحاطة بطابع الغموض في الموقف الذي تتخذه الأمم المتحدة تجاه المشهد الليبي المعقد سياسيا المتأزم أمنيا، وتضمنت الإحاطة العديد من التوصيات والتوجيهات، دون مقاربات للحل لتجاوز الانسداد السياسي القائم وتهيئة الأرضية لإجراء الانتخابات في ليبيا.
وأشاد المبعوث الأممي على ليبيا عبد الله باتيلي بالتقدم الذي تم إحرازه على صعيد العملية الانتخابية، مشيرا إلى تمكن أعضاء لجنة 6+6 – التي أنهت عملها مطلع أكتوبر وعكفت على وضع القوانين الانتخابية من التوصل “إلى حل وسط بشأن العديد من القضايا”، رغم الضغوط الهائلة والمداولات الشاقة.
وفي أكثر من مناسبة، تحدث باتيلي عن “اللجنة رفيعة المستوى” وتضم كل الأطياف الليبية، وحينا آخر يتكلم على “المسار التفاوضي الشامل”، وغيرها من العناوين والمسميات، من دون أي تفاصيل في آليات تشكيلها ومهامها، بل والأجندة التي ستناقشها.
واقعيا، فعمله يسير في ركاب عمليات التقارب التي يقوم بها مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، وآخرها تشكيل لجنة 6+6 المشتركة، وإصدار القوانين الخاصة بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية، والتي نشرها مجلس النواب بالجريدة الرسمية.
وعدا عن ذلك، فإن باتيلي لم يتوقف عند حد التنسيق مع المجلسين لتقديم المشورة الفنية والدعم لعمل لجنة 6+6، بل تجاوز دور الوساطة وخرق مهام البعثة بشكل صريح في العديد من المحطات، كإعلانه تحفظه على خريطة الطريق التي أعلنها مجلس النواب نهاية يوليو وتحفظه على مخرجات لجنة 6+6 إثر انتهاء أعمالها في أبوزنيقة المغربية مطلع يونيو، كما تدخل في نصوص القوانين عندما طالب بإدخال تعديلات عليها أعدتها بعثته.
حزبيا، دعا رئيس الحزب الديمقراطي محمد صوان، المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي إلى إعادة تقييمه للنهج الذي يتبعه بخصوص القوانين الانتخابية التي أصبحت ملزمة ونافذة.
وقال رئيس الحزب الديمقراطي، إن المبعوث الأممي تجاوز صلاحيات ولايته، وأعاد طرح نقاط اتفقت عليها 6+6 ووصلت إلى حلول توافقية حولها، وما صدر عن البعثة الأممية يعد تدخلا سافرا وسلبيا ويدفع باتجاه إطالة الأزمة والانقسام.
وأفاد رئيس الحزب الديمقراطي بان إعادة طرح ما اتفقت عليه لجنة 6+6 ضياع للوقت والجهد واستهانة بالجهود.
في السياق، أعلن التجمع الوطني للأحزاب الليبية في بيان له رفضه تدخلات المبعوث الأممي عبد الله باتيلي بشأن القوانين الانتخابية التي أنجزتها اللجنة المشتركة 6+6
وأفاد طلب التجمع الوطني للأحزاب الليبية بأن طلب التعديلات الصادرة بشكل دستوري يعد تجاوزا لدور وساطة البعثة وتدخلا في الشأن الليبي وتعديا على الملكية الليبية للحل السياسي.
ولا يبدو أن موقف جميع الأطراف الليبية الممتعض من سياسات ومواقف باتيلي بعيدة عن الواقع، لكن هناك من يفسر هذا التجاوز بأنه مجرد هامش يتحرك فيه باتيلي لتسجيل نقاط إضافية في سيرته السياسية والعملية.
وتبقى العملية السياسية في ليبيا قائمة على السجالات والمناكفات السياسية وحسابات الدول النافدذة بالمشهدين السياسي والعسكري وتدخلات البعثة الأممية في وقت يستشرف فيه الشعب الليبي انتخابات تكون المفصل مع بناء الدولة والمؤسسات بعيدا عن المراحل الانتقالية وإطالة الأزمة.
مناقشة حول هذا post