نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، السبت، تقريرا كشفت فيه أن الكارثة التي حلّت بمدينة درنة، بعد عاصفة دانيال وأدت إلى انهيار سدّين، كانت متوقعة نتيجة عقود من الإهمال وتجاهل التحذيرات.
وأفادت الصحيفة بأن الأمطار الغزيرة ضربت المنطقة على مدى سنوات، وجرفت التربة التي كانت تساعد في امتصاص المياه أثناء جريانها من التلال الجافة فوق المدينة، كما أن التغير المناخي لعب دوره أيضاً، لكن ذلك ترافق مع عقود من الإهمال من قبل المسؤولين الذين كانوا يعلمون أن السدود بحاجة إلى إصلاحات.
ولفتت “نيويورك تايمز” إلى دراسة نشرها المهندس الليبي عبد الونيس عاشور في عام 2022 أكد فيها أن سكان درنة معرضون بشدة لمخاطر الفيضانات، محذرا من أن العواصف التي ضربت المنطقة في العقود الأخيرة، مستشهدا بفيضانات مدمّرة عام 1959، يمكن أن تؤدي إلى انهيار السدود وإغراق درنة، وواصفاً الوضع بأنه “خطير”.
في السياق، أكد عاشور الذي خسر أفرادا من عائلته الكبيرة في كارثة درنة، في مقابلة مع الصحيفة عبر الهاتف، أن الحكومة تجاهلت سنوات من التحذيرات، بما فيها الدراسة التي نشرها، قائلاً: “نعيش في حالة صدمة، لا يمكننا استيعاب ما يحدث لنا”، مشيرا إلى أن السلطات لم تهتم للموضوع، وقامت بدلاً من ذلك بصرف الأموال، وممارسة الفساد، وخوض مشاحنات سياسية.
وأشار إلى أن السدود بُنيت على أيدي مهندسين قلّلوا من تقدير كمية الأمطار المتوقعة في المنطقة، مردفا أن ما زاد الطين بلة، هو أن الأرض خضعت لعملية تصحر، ما قلل من قدرتها على امتصاص الجريان السطحي.
وفق خبراء تحدثوا إلى الصحيفة، تم بناء السدين فوق المدينة بمساعدة مهندسين من يوغوسلافيا السابقة، ويبلغ ارتفاع الحوض الأكبر، المعروف باسم “أبو منصور”، 74 متراً، ويمكنه استيعاب ما يصل إلى 22.5 مليون متر مكعب من المياه، أما السدّ الأصغر، وهو “سد البلاد”، أو سد درنة، فقد تم بناؤه على مشارف المدينة.
وفي عام 1986، ضربت عاصفة كبيرة المنطقة، ما أدى إلى تضرّرهما وجرف التربة. ويقول عاشور هنا إن هياكل السدين تضرّرت، لكنهما صمدا مرة جديدة.
بدوره، يقول الرئيس السابق للجمعية الأميركية للمهندسين المدنيين ويليام ماركوسون الثالث إن هذه السدود، التي بُنيت من الطين والصخور، كانت شائعة في كل أنحاء العالم، مضيفاً أنه لا يوجد شيء خاطئ في هذا النهج، إذا تم القيام به بشكل صحيح، لكنه أوضح أن السدود يجب أن تكون مصمّمة لتحمّل أقصى قدر محتمل من العواصف المطرية، وأن يتم بناؤها تحت فحص دقيق، لضمان عدم حصول أي تقصير.
مناقشة حول هذا post