على الرغم من الدعم الدولي الذي تلقته مبادرة المبعوث الأممي لدى ليبيا عبد الله باتيلي، والتي كشف عنها مؤخرا أمام مجلس الأمن، وأوضح فيها ملامح عن رؤيته لحل الأزمة الليبية، فإنها تظل في الداخل الليبي محل تباين لوجهات النظر، لاسيما مع عدم اكتمال بلورتها بشكل دقيق.
دعم دولي في الواجهة ولكن!
دوليا أعلن مجلس الأمن دعمه القوي لباتيلي، لاسيما دوره في الوساطة والمساعي الحميدة من أجل تعزيز عملية سياسية شاملة، بل ولوّح بإنزال عقوبات بحق من يقوضون الانتخابات أو يعرقلونها، أو من يهددون السلام والاستقرار في البلاد.
غير أن البيان لم يتطرق إلى مسألة السلطة التنفيذية في البلاد، ومن الحكومة التي ستشرف على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المرتقبة، في ظل انقسام البلاد إلى حكومتين في الشرق والغرب، وهو ما يفتح باب التساؤل حول حقيقة الإرادة الدولية.
فالسؤال الأهم في المسألة الانتخابية يتجه نحو من سينظم العملية؟ في ظل تشديد عديد المسؤولين الليبيين على أن إجراء الانتخابات وضمان قبول النتائج في البلاد يتطلب وجود سلطة موحدة في كامل التراب الليبي.
وهو ما يشير إلى وجود خلاف خفي في المسألة، خاصة وأن المندوب الروسي بمجلس الأمن أبدى تحفظ بلاده من مبادرة باتيلي، وفي وقت لاحق أعلنت القاهرة رفضها لما جاء في بيان مجلس الأمن بشكل صريح؛ كونها ترى أن مخرجات المبادرة تتعارض مع التوافق الليبي.
تباين وجهات النظر في الداخل
عدم حسم الإرادة الدولية حيال مبادرة باتيلي، وتركها الباب مفتوحا فيما يتعلق بمسألة السلطة التنفيذية، إلى جانب عدم اكتمال المبادرة الأممية، كل ذلك أدى إلى وجود خلاف في الداخل الليبي في التعاطي مع مخرج المبعوث الأممي.
رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وبعد صمت عن المجريات، أعلن إشادته بالموقف المصري المتمسك بالشرعية الليبية بعيدا عن التدخلات الخارجية، وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية تحقيقا لإرادة الشعب الليبي.
تصريح كشف عن موقف البرلمان من مبادرة باتيلي، ورؤيته لها كتدخل في أعمال السلطة التشريعية، والاتفاقات المنوطة بمجلسي النواب والدولة دون غيرهما، الأمر الذي يفتح باب الاحتمال بشأن تصادم المبادرة الأممية مع التوافق الوطني، وليس العمل التكاملي كما يرى آخرون.
في المقابل يبدي عبد الحميد الدبيبة دعمه الكامل لمبادرة باتيلي، قائلا إنها تنسجم مع رؤيته في أن مشكلة الانتخابات هي قصور الجهات التشريعية في إيجاد قوانين قابلة للتنفيذ وعادلة ونزيهة في الوقت نفسه، أي أنه يعول على المبادرة في إسقاط التعديل الدستوري الثالث عشر برمته.
تباينات تكشف عن مدى عمق الخلاف حول الطريق المؤدية للانتخابات، وأهمية أن يضع المبعوث الأممي النقاط على الحروف فيما يتعلق بمبادرته التي ما زال يلفها الكثير من الغموض حول عدة بنود، أهمها مصير السلطة التنفيذية، وكيف سيتعامل مع الحكومات الحالية؟
مناقشة حول هذا post