تشهد ليبيا حراكا دوليا مكثفا لحل الأزمة المعقدة، تقوده واشنطن التي باتت تتابع الأوضاع عن كثب أكثر من أي وقت مضى، وهو ما يراه متابعون بداية لسيناريو جديد في المشهد ربما تتضح ملامحه خلال الفترة القريبة القادمة.
زيارة أمريكية نادرة
وفي زيارة نادرة للغاية، وصل رئيس الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA وليام بيرنز إلى العاصمة طرابلس، الخميس الماضي، للقاء عبد الحميد الدبيبة بمقر رئاسة الوزراء، بحضور رئيس جهاز المخابرات حسين العائب.
وعقب اللقاء المذكور، توجه بيرنز مباشرة نحو الشرق، وتحديدا مدينة بنغازي للقاء خليفة حفتر، وبحث عددا من الملفات التي لم تُنشر بنودها أو يُعلن عنها.
وأمس الأحد، التقى القائم بأعمال السفارة الأمريكية في ليبيا ليزلي أوردمان، في بنغازي، رئيس مجلس النواب عقيلة صالح لمناقشة أهمية بناء الوحدة ورأب صدع الخلافات لخدمة مصالح الشعب الليبي، بما في ذلك تحقيق مطلبه في اختيار قادته.
ويرى سياسيون أن هذا الحراك الأمريكي الملحوظ هو تمهيد لملتقى حوار جديد بين الليبيين، ولكن ربما لن يكون لرئيسي مجلس النواب والدولة تمثيل فيه هذه المرة، ما يعني وضع حد لخلافاتهم التي أدت إلى تعثر الوصول لأي نتائج فعلية في المسار الدستوري.
أنقرة تلقي بثقلها في طرابلس
وليست تركيا الحليف الأبرز للغرب الليبي ببعيدة عن المشهد، بل ألقت هذه المرة بثقلها فيه، فقد أجرى رئيس جهاز المخابرات التركية هاكان فيدان، أمس الأحد، زيارة إلى طرابلس والتقى عبد الحميد الدبيبة رفقة السفير التركي، وعدد من وزراء الدبيبة ومستشاريه.
وتوجه فيدان بعد ذلك نحو مقر المجلس الأعلى للدولة للقاء رئيسه خالد المشري، حيث أكد الأول دعم تركيا المتواصل لكل الجهود السياسية المبذولة لإيجاد حلول للمسائل العالقة، الرامية إلى تحقيق استقرار ليبيا وازدهارها.
لقاءان منفصلان كانا كفيلين بأن يجمع رئيس المخابرات التركية بين الدبيبة والمشري تحت سقف واحد، في مائدة عشاء مسائية، بحضور عضو المجلس الرئاسي عبد الله اللافي، ومحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، دون الكشف عما جرى من تفاصيل على هامش الوليمة.
القاهرة قبلةً للأطراف الليبية
في مقابل الزيارات الأمريكية التركية نحو ليبيا، تتولى العاصمة المصرية القاهرة احتضان مختلف اللقاءات بين الأطراف الليبية في محاولة لتبني أي مبادرة من شأنها حلحلة التعقيدات الحاصلة في مسارات الأزمة.
ومؤخرا احتضنت القاهرة عدة لقاءات ثنائية بين عقيلة صالح وخالد المشري بشأن المسار الدستوري وسبل التوصل إلى اتفاق نهائي بشأنه، كما أنها كانت نقطة التقاء عقيلة مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، وخليفة حفتر الذي يفضل الجار المصري لإجراء أي محادثات.
ترتيب الأوراق
ويشير محللون سياسيون إلى أن التحركات التركية والمصرية في ليبيا هي “إعادة ترتيب لأوراق اللعب” في إطار الاستعداد للعمل وفق أي مبادرة أمريكية قد تشهدها ليبيا خلال الفترة المقبلة، ولكن كيف ستكون المرحلة المقبلة؟ وهل ستشهد تغييرا في السلطة التنفيذية؟ أسئلة ستجيب عنها الأيام المقبلة.
مناقشة حول هذا post