أحد عشر عاما مضت منذ ثورة السابع عشر من فبراير حين أسقط الليبيون بإرادتهم الحرة نظام القذافي الذي جثم على صدورهم لأكثر من أربعة عقود، لم يجنوا خلالها سوى تردي الخدمات، والتراجع إلى الوراء في زمن العولمة والتقدم.
ليعلن المجلس الوطني الانتقالي رسميا عام 2011 تحرير البلاد بعد انهيار نظام القذافي وتقديم الليبيين تضحيات كبيرة في الثورة التي تطلعوا من خلالها إلى بناء دولة القانون والمؤسسات، وتحقيق مستقبل أفضل لأبنائهم، وتوفير بيئة آمنة وصحية تشجع العالم على الاستثمار فيها، والثقة في قدرتها على الوقوف ضمن مصاف الدول المتحضرة.
غير أن هذه الطموحات اصطدمت بواقع سياسي معقد بعد أن أصبحت ليبيا نقطة التقاء المصالح الإقليمية والدولية، وضحية التدخلات الخارجية السلبية، التي حولت الأعوام الأحد عشر إلى سنين عجاف، وحصاد مرّ للثورة التي لم تتمكن حتى الآن من عبور النفق المظلم نحو الضياء المنشود.
وعلى الرغم من تعدد المحطات الحساسة في تاريخ الثورة الليبية، وتباين شخصياتها وخلفياتهم السياسية والأيديولوجية؛ فإن السلطة والمال كانا الهدف المشترك بين الجميع في دولة تحظى بموارد وثروات توزعت في دول العالم بمئات المليارات! ناهيك عن الاستثمارات والأصول غير النقدية.
وحين يأتي الحديث عن موارد وثروات عروس المتوسط؛ فإن النفط والغاز دوما في المقدمة؛ إذ لطالما كان ورقة الضغط في أحيان كثيرة، والخيار الرابح في المفاوضات أحيانا أخرى، والسر وراء ارتفاع أشخاص وتهاوي آخرين، فهو المحرّك لأطماع دول، والمؤثر في سياسات العالم تجاه الدولة المتوسطية.
و بالتزامن مع الذكرى الحادية عشرة، يتجدد أمل الليبيين جنوبا، وشرقا، وغربا في أن تجد معالم وأهداف ثورة فبراير سبيلها إلى الواقع، لاسيما مع اتفاق بوزنيقة المغربية الذي عدّه البعض حدثا مهما للغاية.
فلأول مرة يقف كل من رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري جنبا إلى جنب في المملكة المغربية أمام وسائل الإعلام ليعلنا الاتفاق على توحيد المناصب السيادية والسلطة التنفيذية مع نهاية هذا العام ليضعا نهاية الانقسام الذي شهدته البلاد منذ ثماني سنوات.
الاتفاق كان واضحا في أنه سيضع حدا للانقسام في أهم مؤسسات الدولة كمصرف ليبيا المركزي وديوان المحاسبة وغيرهما، وسيشهد الليبيون مع تحقيقه حكومة واحدة للبلاد تمارس سلطاتها من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، لتتمكن من العمل على تحقيق ما عجزت عنه الحكومات المتعاقبة؛ انتخابات رئاسية وبرلمانية يختار الشعب عبرها من يمثله أمام العالم.
نافذة أمل جديد أمام كل ليبي، يفتحها هذا الاتفاق، في الوصول إلى الانتخابات، والبدء في بناء ليبيا ومؤسساتها وصولا إلى تأمين مستقبل الأجيال القادمة على هذه الأرض التي ضحى من أجلها الآلاف بدمائهم ابتداء من شيخ الشهداء عمر المختار وحتى يومنا هذا؛ فهل يغدو الحلم حقيقة؟
مناقشة حول هذا post