يصل الرئيس الجديد لبعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا عبد الله باثيلي، غدا الجمعة، إلى العاصمة طرابلس؛ ليبدأ مهمته بلقاء رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ونائبيه، ويعقد بعدها لقاءات متفرقة مع المجلس الأعلى للدولة، وعبد الحميد الدبيبة، وعدد من الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني.
ووفقا لمصدر خاص لـ أبعاد، فإن المبعوث الأممي سيتوجه عقب ذلك إلى مدينة بنغازي للقاء رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس الحكومة الليبية فتحي باشاغا، وخليفة حفتر.
ومع وصوله الوشيك، تزداد التساؤلات حول قدرة الدبلوماسي السنغالي على خلق ثورة في عمل بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، بما يدفع بالأطراف الليبية نحو الجلوس إلى طاولة الحوار، والتوصل إلى صيغة لحل نهائي للأزمة التي تجاوزت العقد من الزمان.
صراع السلطة التنفيذية
أولى التحديات التي ستواجه باثيلي صراع السلطة التنفيذية في ظل وجود حكومتين، وكيف سيتمكن من حلحلة الانسداد الحاصل في هذا الشأن، وإمكانية إيجاد صيغة تفاهمية تتفق عليها كل أطياف الشعب الليبي لإنهاء هذه الأزمة.
وتوضيحا لموقف الحكومتين، رحب رئيس الحكومة الليبية فتحي باشاغا رسميا بتعيين باثيلي مبعوثا أمميا، معربا عن تطلعه للتعاون والعمل المشترك، بما يسهم في استقرار ليبيا وترسيخ مبدأ التداول السلمي على السلطة وإجراء الانتخابات وفق خارطة طريق تضمن توافر معايير النزاهة والشفافية.
كما أصدرت الحكومة الليبية بيانا ذكرت فيه أنها سبق أن أرسلت خطابا إلى أمين الأمم المتحدة ترحب فيه بترشيح بيثالي؛ استندا إلى خبرته وكفاءاته ولكونه من الاتحاد الأفريقي.
وجددت الحكومة تأكيدها الدائم على أن الحلول الليبية، والتسويات المحلية القابلة للتطبيق والموثوقة هي أساس الحل السياسي الشامل والدائم للأزمة السياسية التي تعيشها ليبيا.
وأشار البيان إلى أن الاتفاق بين مجلسي النواب والدولة هو السبيل الوحيد للوصول إلى سلطة تنفيذية موحدة قادرة على إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي يتطلع إليها كل الليبيين لاختيار ممثلهم بكل حرية.
وفي المقابل أبدى الدبيبة موقفا متناقضا من باثيلي، فقد أعلن في البداية عبر مندوب ليبيا بمجلس الأمن طاهر السني اعتراضه على ترشيح الأمين العام أنطونيو غوتيريش لباثيلي مبعوثا أمميا.
وذكر السني حينها، في كلمة مرئية، أنه يجب التشاور مع حكومة الدبيبة بشأن ترشيح الممثل؛ للتأكد من نجاح عمله كوسيط.
ونقلت قناة ليبيا الأحرار عن مصدر من الخارجية الليبية أن الحكومة لا ترفض أي خيار إفريقي، لافتا إلى أنها تدعم المرشح الجزائري صبري بوقادم وزير الخارجية السابق.
ليعود الدبيبة مجددا ويرحب بتعيين باثيلي مبعوثا أمميا، قائلا في تدوينة على فيسبوك: ” نؤكد من جانبنا دعمنا الكامل لعمله وسندفع باتجاه الحل السياسي الشامل الذي يعجل بإصدار قاعدة دستورية توافقية، لإجراء الانتخابات”.
وهو ما علق عليه المحلل السياسي أِشرف الشح بقوله إن المواقف السياسي ليست ثابتة، ولكن عندما تتغير يجب أن تستند على أسباب، أما القفزات “البهلوانية” فهي تُفقد صاحبها المصداقية، لا يمكن الاستمرار بهذه الطريقة، على حد تعبيره.
مواقف تدفع للتساؤل عن مدى قدرة الدبلوماسي السنغالي على العمل من داخل العاصمة طرابلس وفي مختلف أرجاء ليبيا بشكل سلس دون تدخل في آلية عمله، أو ما قد يعلن عنه من مبادرات في المدة القريبة القادمة.
انعكاسات الدعم الدولي
يرى باحثون سياسيون أن الدعم الأمريكي والدولي للمبعوث الأممي الجديد قد يكون له انعكاساته الإيجابية على تمكينه من العمل داخل ليبيا دون فرض أي تدخل، فقد أكدت المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس دعم الولايات المتحدة الكامل للبعثة الأممية في عملها المهم.
مستشار وزارة الخارجية الأمريكية ديريك شوليت شدد أيضا، في تغريدة، على أهمية عمل قادة ليبيا على إيجاد إطار للانتخابات دون تأخير، ودعم المبعوث الأممي عبد الله باثيلي لاستعادة زخم العملية السياسية في البلاد.
بيان دول الولايات المتحدة، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، والمملكة المتحدة كان صريحا أيضا في دعم باثيلي، وهو يتولى ولايته لتعزيز الاستقرار السياسي والمصالحة بين الليبيين، ووساطة الأمم المتحدة الهادفة إلى وضع أساس دستوري لتمكين انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة وشاملة في كل أنحاء ليبيا في أقصر وقت ممكن.
أي كفة هي الراجحة؟
وبين تحديات كبرى على رأسها أزمة السلطة التنفيذية، ناهيك عن الملفات المتوقفة كالقاعدة الدستورية، واستمرار توحيد المؤسسة العسكرية وعودة المهجرين، والدفع قدما بالمصالحة الوطنية، في مقابل دعم دولي لم تتضح معالمه الواقعية بعد، يتساءل الليبيون هل سيكون بإمكان باثيلي ترجيح كفة الحل على كفة الأزمة؟
مناقشة حول هذا post