لا يزال تقرير ديوان المحاسبة لسنة 2021 حديث الشارع الليبي بعد كشفه عن الفساد المستشري داخل حكومة الدبيبة بمختلف وزاراتها، وأنشطتها، ليثير زوبعة في ليبيا بلغت أصداؤها دول العالم، فما الذي قالوه عن التقرير؟
أين ذهبت؟
الناطق باسم الحكومة الليبية عثمان عبد الجليل علق على التقرير، في تدوينة على فيسبوك، قائلا: لا تركزوا اهتمامكم بمبالغ إيجارات سكن والعهد المالية أو حتى 12 مليونا للساعات، أو عشرات الملايين للسيارات وغيرها، بل تساءلوا واهتموا بعشرات المليارات التي صُرفت ولم يتم تضمينها وتوضيح أوجه صرفها في تقرير الديوان؛ أين ذهبت؟!
لا وجود لأبعاد سياسية للتقرير
مدير الشؤون القانونية بالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد مجدي نفى لـ أبعاد أي ارتباط لتوقيت صدور تقرير ديوان المحاسبة لـ 2021 بأبعاد أو دلالات سياسية، مؤكدا أنه التوقيت المناسب لصدور مثل هذا “التقرير الضخم” حسب تعبيره.
الشبعاني، خلال حديثه، لفت إلى أن غياب تماسك الدولة وانقسام سلطاتها، وانفلات الحكومات والمراحل الانتقالية باب مفتوح على مصراعيه للفساد، مبينا أن تقارير المصرف المركزي التي ينشرها مرارا تؤكد على ضرورة الإفصاح والشفافية حول الإنفاق؛ لذا لا مخرج إلا بإنهاء هذه المراحل الانتقالية بأسرع وقت ممكن، وفق قوله.
“لا يمكن لمن جاء بالرشوة أن يكون نزيها”
عضو مجلس النواب المبروك الخطابي علق على الفساد الذي أظهره التقرير بأنه “لم يكن مفاجئا” فالفساد المستشري في هذه الحكومة كان واضحا بشكل جلي آخره قرار الإيفاد الذي صدر منذ يومين، مضيفا: “كيف نريد ممن جاء إلى الحكم ويحاول التشبث بالكرسي عن طريق الرشوة المادية والسياسية أن يكون شفافا ونزيها؟!”.
وقال الخطابي، في حديث خاص لـ أبعاد، إن تقرير ديوان المحاسبة إعلان رسمي لهذا الفساد فقط وليس كاشفا للأسرار والخفايا، مبينا أنه “لم نر تحقيقات وإيقافا للمسؤولين تتناسب مع حجم هذا الفساد الذي أعلن عنه التقرير”.
“أتمنى أن يكون ردك بالقانون لا بالشعبوية”
عضو مجلس النواب السيدة اليعقوبي وجهت حديثها، عبر تغريدة على تويتر، إلى عبد الحميد الدبيبة قائلة: “لا تبحث عن “مشجب” لتعلق عليه كل هذا الفساد، التقرير واضح وأتمنى أن يكون ردك بالقانون لا بالشعبوية”.
مليارات نُهبت في “عودة الحياة”
رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا أحمد حمزة قال إن الرأي العام والإعلام الليبي اهتموا بالفساد في “الآيفونات” و”الفرملة” والإعاشة، وتجاهلوا نهب المليارات والفساد الكبير في العقود، والنهب الممنهج للميزانية، ناهيك عن الفساد بصندوق دعم الزواج، ومشروعات ما يُسمى “عودة الحياة” حسب منشور على حسابه بفيسبوك.
لا بد من اتخاذ تدابير قانونية ضد هذا الفساد
الحزب الديمقراطي أصدر بيانا بشأن تقرير الديوان لسنة 2021، مطالبا فيه الجهات القضائية والرقابية باتخاذ التدابير القانونية للجم فساد حكومة الدبيبة منتهية الولاية، داعيا كل القوى الوطنية إلى اتخاذ موقف واضح من الفساد المالي للحكومة منتهية الولاية وعبثها السياسي.
وقال البيان، إن حكومة الدبيبة ترى في السلطة فرصة لاستنزاف موارد الدولة ومقدراتها، مضيفا أن التقرير هو تأكيد على موقف الحزب الواضح من هذه الحكومة التي لا يمكن أن تؤتمن على إدارة الدولة وموارد الوطن.
وأشاد بيان الحزب الديمقراطي بأعمال المراجعة والتدقيق التي أنجزها ديوان المحاسبة والواردة في تقريره للعام 2021، محذرا من أن جزءا من الفساد المرصود يتعلق بإهدار المال العام والإضرار بموارد الدولة.
إخفاقات واسعة وإخلال جسيم في إدارة المال العام
الخبير الاقتصادي سليمان الشحومي قال لـ أبعاد، إن تقرير ديوان المحاسبة -كعادته- أشار إلى إخفاقات واسعة وإخلال جسيم في منظومة إدارة المال العام في ليبيا، وتجرؤ المسؤولين والمعنيين بإدارة المال العام على التصرف فيه، مستغلين ضعف بعض الكوادر غير القادرة على الضبط، إلى جانب تهاون وعدم قدرة وزارة المالية وموظفيها ومراقبيها الماليين لدى الجهات على ضبط وإيقاف مثل هذه التصرفات.
وذكر الشحومي أن ليبيا في حاجة إلى إعادة تصميم المنظومة المالية، واستعادة دور وزارة المالية وقدرتها على الإشراف والإدارة والمتابعة، ودور ديوان المحاسبة في إيقاف هذه التصرفات فورا قبل مضي الوقت عليها، على حد قوله.
مواطنون يعلقون
مواطن من مدينة طبرق قال لـ أبعاد، إن هذا الفساد لم يكن مستغربا، وما قام به ديوان المحاسبة هو فقط إزالة الستار عن هذا الفساد، فيما أبدى مواطن آخر من المدينة استياءه من الفساد والتجاوزات الكبيرة من قبل حكومة الدبيبة، وغياب المحاسبة.
مواطن من مدينة بني وليد علق على التقرير في استطلاع أجرته أبعاد بالمدينة، قائلا: “لا نلوم الوزارات الأخرى إذا كانت هيئة الأوقاف قد أنفقت مئات الآلاف على اللباس فقط” متابعا: “أين النائب العام والقضاء مما يحدث؟!”.
إشادة دولية
القائم بأعمال السفارة الأمريكية لدى ليبيا ليزلي أوردمان أعرب عن ثنائه على ديوان المحاسبة الليبي لإصدار تقرير مراجعة شامل وإتاحته للجمهور، مضيفا: ” سننظر في تقرير ديوان المحاسبة عن كثب وتعتبر الشفافية والمساءلة سمات الحوكمة الرشيدة” وفق تغريدة على تويتر.
تعليقات وردود فعل تؤكد، في مجملها، ضرورة ألا تظل ملاحظات تقرير ديوان المحاسبة لسنة 2021 والسنوات الماضية حبيسة الأرفف، وأن تتحول من صحائف الديوان إلى منظار الجهات القضائية والعدلية والأمنية لتباشر خطوات فعلية تجاه هذا الفساد، وتلقي بقبضتها على المسؤولين عنه، وإلا فلن يكون تقرير ديوان المحاسبة سوى حبر على ورق.
مناقشة حول هذا post