تستمر خيوط التقارب بين عبد الحميد الدبيبة ودولة الإمارات في التكشف شيئا فشيئا، ليتوالى معها انكشاف الصفقات التي بدأت تطفو على السطح..
آخر تلك الصفقات التهنئة التي تقدمت بها السفارة الإماراتية لدى ليبيا لمجموعة موانئ أبو ظبي بمناسبة فتح خط الشحن البحري بين الدولتين، ما سيفتح مجالا جديدا من التجارة أمام الإمارات المهتمة بالسيطرة على الموانئ في شتى الدول.
البداية
وليس الأمر مفاجئا، فقد افتتح الدبيبة منذ مباشرة مهامه رئيسا لحكومته زياراته الخليجية بالإمارات، مصطحبا معه وفدا من المستشارين؛ للقاء مسؤولي أبو ظبي، وبحث التعاون المشترك، وتوحيد الرؤية الخليجية في الملف الليبي.
هكذا ذكر المكتب الإعلامي للدبيبة آنذاك، غير أن الرواية تبدو ليست مكتملة، فلم تمضِ أشهر حتى أرسلت الإمارات سفيرها إلى ليبيا ليزاول مهامه من العاصمة طرابلس، فيما أرسل الدبيبة قريبه سفيان الشيباني ليكون سفيرا لليبيا هناك.
من ههنا تشكّلت القاعدة التي بنى الجانبان على أساسها تفاهمات جديدة جعلت من الدبيبة حليفا للإمارات في الغرب الليبي، بل وشريكًا في صفقات حساسة، أوّلها تغيير مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط.
أولى الصفقات الحيوية
فبعد مفاوضات بين ممثلين عن الدبيبة وعن خليفة حفتر في دبي، توصل الطرفان إلى عقد اتفاق قاضٍ بإقالة مصطفى صنع الله رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، وتكليف فرحات بن قدارة -المقرب من أبو ظبي وحفتر على حد سواء- بدلا منه، مقابل إعادة استئناف إنتاج وتصدير النفط عقب إغلاقه لعدة أشهر.
واتّضح فيما بعد أن هذه الصفقة ليست سوى مرحلة أولى ضمن اتفاق موسع ما زال محل نقاش وتفاوض، يضمن للدبيبة الاستقرار في السلطة مقابل منح العديد من المصالح وعلى رأسها حقائب وزارية لحفتر، كل ذلك برعاية حصرية من الإمارات، المحرك الأول للمشهد خلف الأضواء.
وامتدت الصفقات والاتفاقيات المتعلقة بقطاع الطاقة لتصل مجال الكهرباء، حيث وقعت الشركة العامة للكهرباء في ليبيا مذكرة تفاهم مع شركة دبليو سولار إحدى شركات ألفا ظبي القابضة تهدف إلى حصول الأخيرة على عقد إنشاء وتشغيل محطات كهرباء في ليبيا لـ 25 سنة قادمة.
الموانئ في خطر
وتثير هذه الاتفاقيات المتسارعة بين الدبيبة والإمارات قلق العديد من الناشطين من أن يكون مشروع الإمارات “أكبر من ذلك” في إشارة إلى ما يتداول عن سعيها للاستيلاء على المنطقة الحرة مصراتة والاستحواذ على تشغيلها، ضمن مشروعها للتمدّد الجيوستراتيجي في خريطة الملاحة والموانئ في الشرق الأوسط والقرن الإفريقي، ما يعيد إلى الأذهان ما يحدث في موانئ جنوب اليمن الواقعة بالكامل تحت سيطرة أبو ظبي.
اتفاقيات وصفقات مستمرة تتضح تفاصيلها أكثر فأكثر مع مرور الأيام، وتزداد معها مخاوف الشارع الليبي بشأن مراميها، ونتائجها قصيرة ومتوسطة المدى، في ظل انعدام الرقابة، وضعف إنفاذ القانون بدولة أرهقها التفكّك المؤسساتي لعقود.
مناقشة حول هذا post