كتب الصحفي والمحلل السياسي “فؤاد أمير شفقتلي” في مقال له بموقع مركز دراسات الشرق الأوسط التركي تحدث فيه عن الفترة من تشكيل الحكومة الليبية برئاسة فتحي باشاغا والأحداث السياسية والاجتماعية وجهود المصالحة والمطالب الشعبية بسرعة إجراء الانتخابات في البلاد فكتب قائلا:
إن الأحداث التي تشهدها ليبيا منذ تشكيل الحكومة الليبية حتى يومنا هذا تمثّل تجاهلًا لكافة جهود المصالحة والمطالب الانتخابية للشعب الليبي والصراع بين الأحزاب المتنافسة
وقال شفقتلي إن اجتماعات القاهرة وجنيف، والتي تسعى لتشكيل الأساس الدستوري للانتخابات بين الهيئتين التشريعيتين في البلاد “مجلس النواب ومجلس الدولة” لم تكن حاسمة
وأوضح الصراعات الساخنة بين المليشيات المتناحرة والجماعات المسلحة أدت إلى ظهور تعليقات تقول إن بيئة السلام والاستقرار التي كانت مأمولة في ليبيا قد تضررت، كما أدى قرار اتخذه عبد الحميد الدبيبة إلى التشكيك في التوازنات والتحالفات المعتادة في البلاد
تغيير إدارة مؤسسة النفط واستئناف الإنتاج الليبي
تحدث الكاتب عن أزمة إدارة المؤسسة النفطية الليبية ويقول: “في خضم التوتر السياسي الذي تشهده ليبيا تمت إقالة رئيس مؤسسة النفط مصطفى صنع الله بموجب مرسوم أصدره الدبيبة يوم 12 يوليو2022 وتعيين فرحات بن قدارة محله الذي كان مديرا سابقا في مصرف ليبيا المركزي الذي يتخذ من الإمارات العربية المتحدة مقرا له وقد برز على الساحة مؤخرًا بصفته شخصية مقربة من عائلة الجنرال حفتر، ناهيك عن أنه عمل مستشارا اقتصاديًا لحفتر لفترة من الوقت”
ويضيف الكاتب إن دور بن قدارة برز عندما أعلن الدبيبة رفضه التسليم لحكومة باشاغا، وعندها استغل التحالف بقيادة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح وحفتر النفط من أجل الضغط على حكومة الدبيبة وتقويض أهم مصادرها للدخل. وهي خطوة تهدف إلى التشكيك في شرعية حكومة الدبيبة بالنظر إلى التحديات التي تواجهها في توفير الخدمات الأساسية وتمويل الجماعات المؤثرة في حماية العاصمة طرابلس
ويقول شفقتلي: إنه على الرغم مما سبق، فإن الأزمة الاقتصادية وتكلفة المعيشة والانقطاع المتزايد للتيار الكهربائي في شتى أنحاء البلاد، كلها عوامل أدت إلى اندلاع احتجاجات شعبية لا تستهدف فقط حكومة الدبيبة، وإنما أيضًا البرلمان بقيادة عقيلة صالح، على أساس أنه عطل العملية الانتخابية والمفاوضات الدستورية
إن الاحتجاجات العنيفة التي تشهدها ليبيا ضد البرلمان بالتوازي مع الأزمات الأخرى التي تشهدها البلاد، قد تقود الأطراف الرئيسة في المشهد السياسي الليبي إلى تقاسم السلطة من جديد
ويشير الكاتب الصحفي إلى آراء بعض الخبراء المحليين والغربيين حول مزاعم التوافق السري بين الدبيبة وحفتر حيث أضاف قائلا: “مؤيدو هذا الرأي يرون أن الدبيبة، الذي تراجع تأثيره على الجيش والعناصر في الغرب نسبيًا، يحاول كسب الوقت قبل الانتخابات من خلال القضاء على التهديدات المحتملة من قبل جهاز الأمن البيروقراطي المنقسم. أما حفتر فيسعى لأخذ حصة من عائدات النفط والانضمام إلى الجيش الوطني الليبي”
ويرى أن عودة حفتر بصفته طرفا فاعلا وحاسما في ليبيا تطورٌ ومن شأنه إعاقة التحركات الحاسمة لضمان الوحدة الوطنية ووضع حد للمخاوف الأمنية على غرار توحيد المليشيات وتشكيل جيش ليبي موحد.
تقارب الحداد والناظوري
يقول الكاتب إن الاجتماعات المنعقدة بين رئيس الأركان العامة للجيش الليبي محمد الحداد وما يسمى “بالقائد العام للجيش الوطني الليبي” عبد الرازق الناظوري يوم 19 يوليو الجاري بطرابلس بعد رفع الحظر النفطي، تعتبر إشارة إلى التقارب بين الطرفين حسب قوله
ويضيف، أنه ورد في البيان الصحفي الذي صدر عقب الاجتماع أنه تم التوصل إلى توافق تحت عناوين فرعية أخرى مثل تشكيل لجنة لمتابعة المعتقلين والمفقودين، بالإضافة لوضع الخطط والبرامج الخاصة بعودة النازحين إلى منازلهم. من ناحية أخرى، زعمت وسائل إعلام محلية أنه مقابل تعيين الناظوري وزيرًا للدفاع، سيعترف حفتر بإنشاء جيش موحد رئيس أركانه محمد الحداد
وأشار الكاتب في مقاله إلى أن تنامي نفوذ حفتر في المعادلة الأمنية الليبية قد يقوض التعاون بين تركيا وليبيا في شتى المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية قائلا: “إن هذا الوضع قد يقود للتشكيك في جدوى وجود القوات العسكرية التركية المتمركزة في ليبيا بموجب اتفاقات ثنائية مع الحكومة الشرعية، والتي تعمل في مجالي الاستشارات الفنية والتدريب، فضلا عن تعريض المصالح الوطنية التركية للخطر في شرق البحر الأبيض المتوسط”
التحالف بين الدبيبة وحفتر يعمق الهشاشة الأمنية
وفي نهاية مقالته أوضح الكاتب الصحفي إلى أن التوازن المطلوب بين الدبيبة وحفتر من شأنه تعميق الهشاشة الأمنية والفوضى في البلد بدلاً من التوصل إلى حلول دائمة، نظرا للظروف المحلية والحقائق على أرض الواقع. وتوقع أن يكون لإلغاء الحصار المفروض على النفط الليبي والتطورات في اللجنة العسكرية المشتركة “5+5” تأثير إيجابي على المدى القصير، لكنه يرى أن تلك الحلول تنطوي على مخاطر على المدى البعيد.
مناقشة حول هذا post