يوم عصيب عاشته مدينة مصراتة وسط أجواء من التوتر سادت في أرجاء المدينة، عقب الاشتباكات المسلحة التي اندلعت عند مفترق “زريق” على الطريق الساحلي بين لواء المحجوب والقوة المشتركة مصراتة انتهت بإلزامها بعدة شروط.
القصة بدأت عندما توجه رتل مسلح من القوة المشتركة التابعة لعبد الحميد الدبيبة من مصراتة نحو العاصمة طرابلس، أثناء وجود استيقاف أمني تابع للواء المحجوب، وهو ما تجاهله أفراد المشتركة ما أدى إلى مناوشات تطورت إلى اشتباكات عنيفة أودت بحياة علي بالشيخ أحد أفراد اللواء، إلى جانب إصابة أفراد عائلة خلال مرورهم بجانب رتل “المشتركة”.
لواء المحجوب رد بدوره لتكون المحصلة إصابات متفرقة، الأمر الذي دفع كلا التشكيلين للتحشيد العسكري، حيث جلب لواء المحجوب آليات متوسطة وثقيلة إلى الطريق الساحلي حتى بوابة الدافنية، وإغلاق مفترق “زريق” وفرض شروط على المشتركة وضمان تنفيذها خلال مهلة لا تتجاوز منتصف ليلة الأحد بعد عدم التزامها بشروط سابقة حول أن أي تحرك للأجهزة الأمنية بالمدينة يكون بإذن من مديرية مصراتة.
اجتماع قادة مصراتة
ولم يمرّ الكثير من الوقت حتى بادر قادة وأعيان وحكماء مصراتة بالتوجه نحو مفترق زريق، والتدخل لوقف الاقتتال، وفرض هدنة بين الجانبين إلى حين التوصل إلى ترضية تجنّب المدينة ويلات الحروب، وهي التي عاشت طيلة السنوات الماضية محافظةً على نسيجها الاجتماعي.
وعقب ذلك عقد قادة وأعيان مدينة مصراتة اجتماعا موسعا استمر عدة ساعات، تحصلت أبعاد على نتائجه، ومن بينها الاتفاق على خروج القوة المشتركة من مقرها بشارع طرابلس، وتسليم المتهمين منها بإطلاق الرصاص على أفراد لواء المحجوب إلى النيابة العامة.
الاتفاق الجديد أسفر عن فتح مفترق زريق بالطريق الساحلي أمام المارة، وتوقف الطرفين عن أي اشتباكات، وعودة الهدوء إلى المنطقة، غير أن لواء المحجوب حافظ على انتشار قواته في مفترق زريق، والطريق الساحلي؛ لضمان عدم حدوث أي خرق للاتفاق من قبل عناصر بوغدادة.
وتراجعت القوة المشتركة عن بيانها السابق التي ضمنت فيه روايتها عندما زعمت أن دورياتها تعرضت لاعتداء من قبل مجموعة خارجة عن القانون تابعة للحكومة الليبية برئاسة فتحي باشاغا، لافتة إلى أنها أفعال استفزازية هدفها واضح، ولا يمكن الصمت عنها، حسب بيان صادر عن القوة.
وقالت القوة المشتركة في بيانها الأخير: “ما حدث اليوم حدث أليم كاد لولا حكمة ورجاحة عقل أبناء المدينة أن يتسبب في إشعال نيران الفتنة بالمدينة”.
قلق دولي
السفير الأمريكي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند قال إن اشتباكات مصراتة تُظهر الاحتمال الخطير بأن العنف الأخير سوف يتصاعد، مبينا أن بلاده تحث كل الفاعلين السياسيين ومؤيديهم من بين الجماعات المسلحة على الانسحاب لتجنّب التصعيد والمزيد من الخسائر في الأرواح.
وأضاف نورلاند، عبر تغريدة على تويتر: “تُظهر هذه التوترات المتصاعدة الضرورة الملحة لأن يتبنى القادة السياسيون الليبيون على الفور مسارا متفقًا عليه لإجراء انتخابات يمكنها أن تنشئ حكومة موحدة شرعية بحقّ لخدمة مصالح جميع الليبيين”.
وأردف قائلا: “الجهود المسلحة سواء لاختبار الوضع السياسي الراهن أو الدفاع عنه تنطوي على مخاطر بإعادة ليبيا إلى حقبة اعتقد مواطنوها أنها مضت وولّت، وسيتم محاسبة المسؤولين عن مثل هذا السيناريو”.
من جانبها أعربت السفارة الإيطالية في ليبيا عن قلقها من تصاعد التوتر المسلح، داعية جميع القادة إلى الحفاظ على الحوار والسلام والتعاون معًا على مسار شامل نحو المصالحة الوطنية والانتخابات.
غياب تام لحكومة الدبيبة
وعلى الرغم من خطورة الأحداث في مصراتة يوم أمس، غابت حكومة الدبيبة عن المشهد، لاسيما وأن “الخرق اتسع على الراقع “فطرابلس شهدت اشتباكات دامية أودت بحياة 16 شخصا مع عشرات الإصابات، وفي صبراتة أغلق الطريق الساحلي بعد ازدياد الاعتداءات المسلحة، ومصراتة تشهد توترا أمنيا كاد أن يتفاقم لولا تدخل قادة وحكماء المدينة”.