يستمر الجدل حول مسألة إخراج المرتزقة من ليبيا بين تصريحات ودعوات بضرورة سحبهم وفق آلية تتفق عليها لجنة 5+5 التي شكلت على هذا الأساس.
إلا أن هذه الخطوات ظلت حبيسة الأدراج لم تنفذ بل صرف النظر عنها واستمر المرتزقة بالتحرك بحرية وممارسة مهامهم دون أي تقدم على الأرض.
آلية لإخراج المرتزقة
في دعوات ولقاءات للجنة العسكرية المشتركة في سرت وجنيف اتفق الجميع على إخراج المرتزقة على ثلاث مراحل من ليبيا بدأت بمرتزقة فاغنر التابعين لقوات حفتر وصولا إلى القوات الأجنبية النظامية الأخرى.
جدال الطرفين والدول المعنية في هذه القضيّة، عطل إخراج المرتزقة من الأراضي الليبية يقول مراقبون ما جعل من البعثة الأممية تحث دول جوار ليبيا والمجتمع الدولي على تقديم الدعم القوي لخطة سحب المرتزقة والمقاتلين الأجانب بإرسال مراقبين دوليين لدعم آلية مراقبة وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه العام الماضي.
التفاؤل كان قد ساد لفترة عقب إعلان ممثلي قوات حفتر في اللجنة العسكرية إخراج 300 مرتزق من ليبيا كمبادرة حسن نية مقدمة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالتزامن مع عقده مؤتمرا في باريس لمناقشة الأوضاع في البلاد إلا أن هذا التفاؤل سرعان ما خفت بعد الكشف عن عدم تنفيذ الانسحاب ليظل حديث إخراج تلك الفصائل يراوح بين خروجهم فعليا وبين استمرار تمركزاتهم وسط عمليات استبدال لأعداد منهم بأخرى كإجراءات روتينية.
سيناريوهات محتملة
توقع الفيتوري غريبيل عضو وفد اللجنة العسكرية المشتركة عن المنطقة الغربية أن يكون هناك قدر من التأجيل غير معلوم مداه الزمني لتنفيذ خطط اللجنة المتعلقة بإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية، على الرغم من ما شهده هذا الملف من تقدم في الأشهر الأخيرة.
كما أن انتخاب برلمان ورئيس للبلاد وحكومة موحدة، قد يسمح بأن تكون هناك فرصة مواتية لإخراج المرتزقة ولو بالقوة، فضلا عن إمكانية الاستفادة من الانشغال الروسي بالصراع في أوكرانيا، خاصة إذا ما تم سحب قوات فاغنر لساحة المعركة هناك.
على الطرف الآخر يرى خالد المحجوب مدير إدارة التوجيه المعنوي بقوات حفتر أن احتمالية خروج عدد منهم للمشاركة في المعارك بين روسيا وأوكرانيا يظل احتمالا مطروحا خاصة وأنهم يعملون مقابل الأموال، المحجوب يتوقع خروجهم من العالم كله وليس ليبيا فقط، وأن مسألة إخراج المرتزقة الأجانب مسألة وقت.
دعوات دولية
على الرغم من الركود السائد في هذا الملف إلا أن الدعوات لم تتوقف لتنفيذ هذا المخرج المتفق عليه.
الدول الأعضاء بمجلس الأمن الدولي وفي جلسة بشأن الوضع في ليبيا تطرقت إلى ذات المسألة مشددة على ضرورة إخراجهم ودعم لجنة 5+5 حيث حثت وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام روزميري أ. دي كارلو على إنشاء مركز عمليات في سرت إلى جانب مقر اجتماع اللجنة الأصلي في المدينة.
فيما علقت روسيا من جانبها بأنها لا ترى تقدما حقيقيا في الشق العسكري محملة لجنة 5+5 مسؤولية عدم اتخاذ تدابير ملموسة لوقف التصعيد العسكري المباشر، ومطالبة بإيجاد آلية لانسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة الموجودين في ليبيا بشكل تدريجي.
أما فرنسا فقد طالب مندوبها بتنفيذ عملية لإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من خلال الليبيين أنفسهم.
من جهته حذر مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة طاهر السني من استخدام بعض الدول ليبيا لتصفية الصراع الدولي الذي يشهده العالم هذه الأيام في إشارة إلى الأزمة الأوكرانية الجارية حاليا.
ومع مرور الوقت وعدم الاستفادة من الوضع الإقليمي المتغير والذي يراه البعض فرصة سانحة لليبيا للتخلص من المرتزقة واستعادة قدراتها الدفاعية يبدو أن الوضع سيستمر على ماهو عليه في انتظار جديد التحركات الدولية والتي تضغط باتجاه تسوية سياسية جديدة تأتي بسلطات قادرة على التعامل مع هذا الملف