رافق إعلان حكومة الوحدة الوطنية، الإنفاق العام للعام 2021، الكثير من الجدل بشأن ضخامة الإنفاق غير المسبوق في ظرف زمني وجيز، بحسب “محللين ماليين”، بينما تقول الحكومة إن الإنفاق هو الأقل من نوعه في 10 سنوات الأخيرة.
وبلغ الإنفاق الحكومي لـ9 أشهر من العام الماضي، أكثر من 85 مليار دينار، بحسب ما أعلن وزير المالية في ندوة نظمتها حكومة الوحدة أمس الأربعاء في طرابلس؛ لتسليط الضوء على الإنفاق الحكومي للعام الماضي.
وقال وزير المالية المكلف، خالد المبروك، إن الإنفاق الحكومي للعام الماضي بلغ حوالي 33.1 مليار دينار للمرتبات، و8 مليارات دينار للميزانية التسييرية، بالإضافة إلى 17.4 مليار دينار للتنمية، بينما تم صرف مبلغ 21 مليار دينار على الدعم، و5.6 لباب الطوارئ.
وتشير البيانات التي نشرتها الحكومة حصول، المجلس الأعلى للدولة على ميزانية بلغت 50 مليون دينار، ووزارة الدفاع على أكثر من 1.6 مليار دينار، وحصل مجلس الوزراء أيضا على أكثر من 589 مليون، بينما حصل المجلس الرئاسي على أكثر من 128 مليون، ووزارة الصحة على نحو 1.7 مليار، وشركة الكهرباء على أكثر من 223 مليون.
هذا الإنفاق المعلن أثار ردود فعل كثيرة، وأسال حبر محللين وخبراء ماليين تحدثوا عن مقارنة الحكومة إنفاقها العام، بإنفاق الحكومات التي سبقتها، في الفترة الممتدة من عام 2011، إلى 2021.
يرى مؤسس “سوق المال الليبي” والخبير الإقتصادي “سليمان الشحومي، أن الحكومة تقدم مقارنة الإنفاق الحكومي خلال العشر سنوات الماضية ولكنها تستخدم أساس عملة الدولار بشكل غير عادل في المقارنة” مؤكدا أنها تحاول أن تقول “إن العملة الرسمية لليبيا هي الدولار الأمريكي وليس الدينار الليبي”.
ويتابع الحبير المالي، سليمان الشحومي، “إذا احتسبنا الإنفاق علي أساس الدينار الليبي وفقا لسعر الصرف الرسمي الحالي؛ فان الإنفاق في 2021 كان الأضخم في تاريخ الإنفاق العام الليبي مقوما بالدينار”.
بينما يرى آخرون، أن تصريحات الحكومة فيما يتعلق بالإنفاق غير دقيقة و غير واقعية، ومقارنتها الميزانية بالدولار إجراء مخالف للقوانين و التشريعات المالية النافذة التي تقتضي أن يتم إعداد الميزانيات و الحسابات الختامية للدولة و مؤسساتها بالعملة المحلية أي بالدينار، لا بالدولار.
يقول البعض إن نشر جدول الإنفاق الحكومي على المنصة الإعلامية التابعة للحكومة بالدولار وليس بالدينار، يُكيف قانوناً على أنه جريمة تضليل للرأي العام من خلال الإدلاء بمعلومات وبيانات كـاذبة، ويضيفون ” عندما تتم المقارنة بين حجم الإنفاق الحكومي خلال سنوات؛ يجب ألا يتم التلاعب في قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية”.
لن يكون هناك أي تغيير في سعر الصرف في القريب العاجل، يقول عمران الشائبي، والحديث عن تغيير سعر الصرف الدولار ليكون 3.5 غير صحيح، لأن اللجنة لم تجتمع منذ فترة بسبب زيادة المرتبات وإقفال الحقول.
ويضيف الشائبي “رغم أنه كان من المفترض أن يتم تنزيله تدريجيا، لكن لم يتم تنفيذ الشروط من قبل السياسة المالية، بل زادت في الإنفاق.. لهذا التغيير مستبعد في هذه الفترة؛ إلا إذا تغيرت بعض المعطيات إلى الأفضل”.
واستنادا إلى آخر أرقام ديوان المحاسبة، فإن ميزانية العام المنصرم هي الأعلى من نوعها خلال السنوات 10 الماضية، حيث ارتفعت ميزانية الرواتب إلى 33%، مقارنة 21.8% عام 2020، و18% عام 2018.
وارتفعت ميزانية الدعم إلى 20% في عام 2021، مقارنة ب5.6% عام 2020، بينما بلغت ميزانية التنمية 17.3% العام الماضي، مقارنة 1.8 عام 2020.
وسيؤدي ارتفاع الإنفاق العام بحسب مراقبين، دون إيجاد أي تنوع اقتصادي، إلى آثار كارثية فيما يتعلق بالسياسة المالية خصوصا أن الاقتصاد في ليبيا اقتصاد مركزي، الذي يفترض أن يكون به إنفاق أقل في التسيير، مقابل إنفاق أكثر ما يمكن على الاستثماري.
مناقشة حول هذا post