كشف ديوان المحاسبة في تقريره السنوي لعام 2024 عن جملة من المخالفات والتجاوزات المالية والإدارية التي طالت عدداً من الجهات الحكومية، في مقدمتها مجلس الوزراء ووزارات الخارجية والداخلية ومؤسسة النفط، إضافة إلى الصندوق الليبي للاستثمار الداخلي وشركات تابعة له.
وأوضح التقرير أن مجلس الوزراء أرسل 11 وفداً إلى دول مختلفة، بلغت تكلفة الإقامة والسكن لها نحو 447 ألف دينار، رغم توقيع أعضاء الوفود على نماذج تفيد بعدم تكفل الدولة بسكنهم.
وسجل الديوان عدة ملاحظات على وزارة الخارجية، من بينها صرف مرتبات لموظفين يعملون فعلياً في سفارات وقنصليات بالخارج على أنهم موظفون بالداخل، والتعاقد مع موظفين بعقود محلية في بعض الدول لوظائف غير مدرجة في الجدول القنصلي، إضافة إلى التعاقد مع موظفين في سفارة ليبيا بلندن على أنهم ليبيون مع إرفاق جوازات سفر بريطانية ضمن مستنداتهم الرسمية.
كما أشار التقرير إلى استمرار إيفاد موظفين بلغوا سن التقاعد، ووجود فائض وظيفي في 16 سفارة وصل في بعضها إلى أربعة موظفين غير محتاج إليهم، وتسليم أحد الموظفين أربع سيارات دون إرجاع أي منها للوزارة، وأفاد التقرير بوجود 78 دعوى قضائية ضد وزارة الخارجية أمام المحاكم الليبية و34 قضية في الخارج.
وفيما يتعلق بمؤسسة النفط، أشار الديوان إلى أن رئيس المؤسسة أنشأ مكتب البرامج الإستراتيجية دون حاجة فعلية له، وكلف بإدارته مسؤولاً تعاقد بدوره مع شركة أجنبية بقيمة 19 مليون دولار لتنفيذ مهامه، دون وجود تقارير تثبت قيام الشركة بأي أعمال، كما لم تُبلّغ المؤسسة الديوان ببيانات 12 حساباً تابعاً لها في المصرف الليبي الخارجي، إضافة إلى حسابات تخص الشريك الأجنبي شركة “إيني” الإيطالية.
وبيّن التقرير أن المؤسسة قدرت احتياجاتها لعام 2024 بمبلغ 54 مليار دينار، وبعد المناقشة تم تخفيضها إلى 27 مليار دينار فقط، مؤكداً أن شركات المؤسسة تقدم تقديرات مبالغاً فيها وغير واقعية لا تستند إلى بيانات دقيقة، وسجل الديوان ارتفاعاً غير مبرر في مصروفات قطاع النفط بين عامي 2023 و2024 بنسبة بلغت 151%، إلى جانب استئجار مساكن لموظفين بقيمة تصل إلى 30 ألف دينار شهرياً للفرد الواحد.
كما كشف التقرير عن إحالة أكثر من 544 مليون دينار إلى شركة البحر الأبيض المتوسط للاستثمار العقاري لإنشاء مبانٍ في بنغازي، دون تخصيص أرض للمشروع أو توفر بيانات عن بدء التنفيذ، لافتا إلى إقرار مشروع توظيف حملة التخصصات النفطية، حيث ارتفع العدد من 7000 إلى 9000 خريج دون خطة توظيف معتمدة، إضافة إلى توظيف أشخاص لا يحملون مؤهلات علمية.
وفي وزارة الداخلية، أظهر التقرير أن مصروفات الوزارة ارتفعت خلال عام 2024 بنسبة 1000% مقارنة بالعام السابق، مع قيامها بالصرف على جهات لها ميزانيات مستقلة مثل جهاز الأمن العام، كما أنفقت الوزارة 200 مليون دينار على تأمين الانتخابات البلدية. وأصدر وزير الداخلية في طرابلس قرارات بالتكفل بمصاريف سفر أشخاص لا تربطهم علاقة بالوزارة إلى بلجيكا لمدة سبعة أيام. وسجل الديوان صرف بدلات إيجار غير قانونية لموظفين، بلغ أحدها 12 ألف دينار شهرياً، إضافة إلى دفع إيجارات لأشخاص لا علاقة لهم بالوزارة، وشراء 1531 سيارة خلال 2024 بقيمة تجاوزت 161 مليون دينار.
وعلى صعيد المالية العامة، أكد ديوان المحاسبة أن بيانات الدولة لعام 2024 تشوهت بسبب استمرار “مقايضة النفط” بقيمة 44.5 مليار دينار دون إثباتها في سجلات وزارة المالية، وبلغ رصيد الدين العام 84 مليار دينار في 2024، دون احتساب دين الحكومة في بنغازي البالغ 186 مليار دينار في 2025، كما أشار التقرير إلى وجود كميات منتجة من النفط والغاز لا يتم الإفصاح عنها في السجلات الرسمية.
وبيّن التقرير أنه خُصص للمرتبات خلال 2024 أكثر من 59 مليار دينار، في حين بلغ ما تم صرفه فعلياً 67.6 مليار دينار، مع ارتفاع عدد العاملين في الخارج إلى 2106 موظفين خلال العام نفسه.
وفيما يخص الصندوق الليبي للاستثمار الداخلي، سجل التقرير خسائر صافية بلغت 3.4 ملايين دينار خلال النصف الأول من 2024 نتيجة ضعف أداء الشركات التابعة واستمرار تعثر بعضها دون حلول جذرية، مشيرا إلى إنفاق شركة المدار 2.8 مليون دينار على حملة صيفية، و1.3 مليون دينار على أغنية مدتها دقيقة ونصف.




مناقشة حول هذا post