شهد المشهد السياسي الليبي خلال الأيام الماضية تطورًا لافتًا مع انطلاق أولى جلسات “الحوار المهيكل” الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، في خطوة تُعد امتدادا لمسار سياسي كانت البعثة قد أعلنت ملامحه منذ أغسطس الماضي ضمن خارطة الطريق الجديدة.
وأعلنت البعثة الأممية استئناف فعاليات اليوم الثاني من الحوار المهيكل بالعاصمة طرابلس بعقد جلستين صباحيتين متزامنتين للفريقين المعنيين بمساري الحوكمة والأمن.
وقالت البعثة الأممية، إنه من المقرر أن يجتمع فريقا الاقتصاد والمصالحة الوطنية وحقوق الإنسان في الفترة المسائية على نحو مماثل.
وأفادت البعثة الأممية بتيسير هذه الجلسات التي تهدف إلى مناقشة جدول أعمال الفرق الحوارية الأربعة والخطوات المقبلة لكل فريق.
وكانت المبعوثة الأممية إلى هانا تيتيه، قالت ‘ن الحوار المُهيكل يُعدّ ركيزة أساسية في خارطة الطريق السياسية، داعية الليبيين إلى المشاركة عبر منصتها في هذا الحوار الذي سيستمر من 4 إلى 6 أشهر بداية من يناير المُقبل.
والأحد، انطلق الحوار المهيكل بمشاركة 81 رجلًا و53 امرأة وثمة أشخاص لم يستطيعوا المشاركة لأسباب سياسية.
ورحب التحالف الليبي لأحزاب التوافق الوطني بانطلاق الحوار المهيكل، داعيا إلى الانخراط في الحوار ليكون منطلقا نحو مصالحة وطنية وإنهاء المراحل الانتقالية.
وعبر التحالف الليبي لأحزاب التوافق الوطني عن دعمه لهذا المسار الذي يُعنى بمعالجة قضايا جوهرية كانت سببا في الانقسام المستمر وتفاقم الأزمات.
من جهته، رحب الحزب الديمقراطي بانطلاق جلسات الحوار المهيكل الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
وقال الحزب الديمقراطي، إنه انطلاقاً من أهمية هذا المسار في اقتراح حلول ومعالجات توافقية للقضايا الخلافية المطروحة المهمة والتي أغفل إنجازها خلال الحوارات السابقة “الصخيرات – جنيف” على أن تلحق بعد تشكيل الحكومة في حينها ونتج عن ذلك التأجيل تعثر تحقيق النجاح في المسارات السابقة.
وأكد الحزب على الأهمية القصوى للمعالجة بالتوافق ضمن الحوار المهيكل وبالتوازي مع بقية الاستحقاقات اللازمة لإنجاز التسوية السياسية الشاملة لتحقيق الاستقرار.
ودعا الحزب كافة المشاركين إلى تغليب روح التوافق والانخراط بجدية لإنجاز مخرجات تلبي تطلعات الليبيين، وحث البعثة الأممية على المضي قدما في كافة المسارات بما فيها المسار الانتخابي واستحقاقاته ومعالجة الوضع القانوني لمجلس إدارة المفوضية العليا للانتخابات وتشكيل حكومة جديدة وتجاوز المعرقلين.
من ناحيتها، قالت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، إن انطلاق الحوار المهيكل خطوة مهمة في خريطة الطريق السياسية التي قدمتها ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة هانا تيتيه في أغسطس الماضي.
ودعت بعثة الاتحاد الأوروبي جميع المواطنين الليبيين في مختلف أنحاء البلاد إلى المشاركة البناءة بحسن نية في العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة والتحرك بحزم للخطوات المتبقية، بما في ذلك إعادة تشكيل مجلس الهيئة العليا للانتخابات وتعديل الإطار الانتخابي.
لضمان وجود صوت الشباب الليبي في العملية السياسية، أطلقت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا اليوم منصة رقمية للشابات والشباب الليبيين المقيمين في ليبيا، والذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عامًا والراغبين في المشاركة بآرائهم في قضايا الحوار المُهيكل.
تهدف البعثة من خلال هذه المنصة الرقمية إلى ضمان مشاركة أكبر عدد ممكن من الشباب في جميع أنحاء البلاد في هذه العملية، ووذلك لتكملة ودعم جهود الأعضاء الشباب الذين سيشاركون في الحوار المُهيكل.
ستتاح للمشتركين في المنصة فرصة التعبير عن آرائهم ووجهات نظرهم بشأن القضايا الرئيسة التي تُناقش في الحوار ومشاركتها مع الشباب الأعضاء في الحوار المُهيكل، مما يضمن سماع أصوات الشباب من جميع أنحاء البلاد في العملية السياسية.
ومنذ أن طرحت البعثة الأممية فكرة “الحوار المهيكل”، بدا واضحًا أن المبادرة جاءت استجابة لفشل مسارات التفاوض التقليدية بين الأجسام السياسية، وعجزها عن التوصل إلى تسوية شاملة تقود إلى انتخابات وطنية، حيث ظل الحوار وفق التصور الأممي مساحة أوسع لتجميع الأصوات والخبرات، وتقديم توصيات عملية تتجاوز منطق المحاصصة والانقسام الحاد بين الشرق والغرب.




مناقشة حول هذا post