تعكس الجهود المتواصلة لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي التزامًا عميقًا بمعالجة اثنين من أكثر الملفات حساسية وتعقيدًا في المشهد الليبي، وهما ملف المفقودين وقضايا العدالة الانتقالية والمصالحة.
توصّل فريق من الخبراء استناداً إلى عملية مشاورات استمرت لمدة عام إلى توافق حول العناصر الرئيسية لمشروع قانون بشأن المفقودين، وذلك خلال اجتماع عُقد في طرابلس يومي 17 و18 سبتمبر، في إطار مبادرة مشتركة بين بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بعنوان “معالجة ملف المفقودين في ليبيا”.
وضمّ الاجتماع الذي استمرّ ليومين 46 ممثلاً عن مجلس النواب والمجلس الرئاسي والمجلس الأعلى للدولة ووزارات العدل والداخلية والدفاع والخارجية ومكتب رئيس الوزراء والهيئة العامة للبحث عن المفقودين والمجلس الوطني للحريات المدنية وحقوق الإنسان وخبراء الطب الشرعي والقانون وأعضاءٍ من المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية.
واستعرض المشاركون مشروع القانون مادةً مادة، متفقين على ضرورة تشكيل لجنة وطنية موحدة للمفقودين، تتمتع بصلاحيات واضحة لتجنب الازدواجية في المؤسسات القائمة. وأكد الحاضرون على مواءمة القانون مع المعايير الدولية المتعلقة بالاختفاء القسري وتعزيز حماية العائلات وربط البحث عن المفقودين بالعدالة الانتقالية.
واستند الاجتماع إلى المشاورات والمسح القانوني الذي شكّل مشروع القانون الذي أُعدّ بدعم من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وتقدم المشاركون بالمزيد من التعديلات على تشكيل اللجنة المستقبلية وولايتها ومواءمتها مع المعايير الدولية.
في السياق، قالت المستشارة القانونية والمحامية عواطف العويني من طرابلس، إن “هذه خطوة ناجحة نحو ضمان حقوق المفقودين وعائلاتهم”، مضيفة بأن “هناك حاجة ملحة لمثل هذا القانون، حيث يستمر عدد الأشخاص المفقودين في ليبيا في الارتفاع بسبب الوضع السياسي والأمني غير المستقر”.
وخلال الاجتماع، تبادل المشاركون أيضاً وجهات النظر حول ولاية اللجنة المستقبلية والتنسيق مع المؤسسات القائمة وأحكام المساءلة لضمان سبل فعالة للانتصاف.
من جهته، قال عضو مجلس النواب ميلود الأسود من رقدالين إن “مشروع القانون هذا مهم للغاية لأنه يحل تداخل الاختصاصات بين سلطات الطب الشرعي بشأن قضية الأشخاص المفقودين”، وأضاف: “بهذه الطريقة، سيساعد في توجيه العملية القانونية لهذا الملف الحساس في الاتجاه الصحيح”.
وللدفع بهذه العملية قدماً، وافقت اللجنة على تشكيل فريق صياغة مُصغّر لوضع اللمسات الأخيرة على النص ودمج الملاحظات الصادرة عن الجلسات قبل تقديمه إلى مجلس النواب. وفي موازاة ذلك، ستواصل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي مشاوراتهما مع عائلات المفقودين ومنظمات المجتمع المدني لضمان أن يعكس القانون وجهات نظرهم واحتياجاتهم.
وأكدت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إلى جانب شركائهما المحليين والدوليين، استعدادهم لمواصلة دعم جهود ليبيا الرامية إلى إرساء إطار قانوني شامل للمصالحة والمفقودين، كجزء من عملية العدالة الانتقالية الأوسع وبما يتماشى مع المعايير الدولية.
مناقشة حول هذا post