احتلت ليبيا المرتبة 137 في مؤشر الحريات الصحفية للعام 2025 بعد أن كانت العام الماضي في المرتبة 143 من أصل 180 دولة حول العالم.
وارتفع المؤشر 6 درجات مسجلا “تحسنا طفيفا” للوضع الصحفي في البلاد، بحسب تقرير “مراسلون بلا حدود”.
وأفادت المنظمة بأنه رغم التحسن الطفيف إلا أن ليبيا لا تزال تصنف “حالة صعبة”، حيث تواجه وسائل الإعلام هجمات متكررة تهدد استقلاليتها.
وفق “مراسلون بلا حدود” لا تزال البلاد غارقة في أزمة عميقة منذ عام 2011، وغالبا ما يُجبر الصحفيون ووسائل الإعلام على خدمة طرف معين من أطراف الصراع على حساب الاستقلالية التحريرية.
المشهد الإعلامي
وبحسب “مراسلون بلا حدود” أصبحت ليبيا بؤرة سوداء حقيقية على المستوى الإعلامي، حيث غادر البلاد معظم الصحفيين ووسائل الإعلام، أما من اختاروا البقاء، فإن شغلهم الشاغل بات الحفاظ على سلامتهم من خلال العمل تحت حماية أحد أطراف النزاع، بينما لم يعد بإمكان الصحفيين الأجانب تغطية الأحداث الجارية على الأرض.
ففي سياق الصراع الدائر، لم تعد وسائل الإعلام التقليدية تلعب دورها في توفير معلومات حرة ومستقلة ومتوازنة تعكس التحديات الحقيقية للمجتمع الليبي، خاصة تطلعات الشباب، الذين أصبحوا يجدون في وسائل التواصل الاجتماعي مجالا للحوار المفتوح، لكنها تمثل في الوقت ذاته مساحة لنشر التطرف وخطاب الكراهية، وسط ظهور العديد من المبادرات في البلاد لمحاولة إنشاء نموذج إعلامي جديد أكثر استقلالية.
الأمن
يرزح الصحفيون منذ سنوات تحت وطأة الترهيب والعنف الجسدي والمضايقات النفسية، وإن كان يبدو أن الوضع قد تحسن بعض الشيء منذ عام 2021، بينما تتزايد الانتهاكات ضد الفاعلين الإعلاميين، فإنها تمر في إفلات تام من العقاب. وتركز الميليشيات تهديداتها بشكل خاص على الصحفيين المحترفين، الذين يمكن أن تطالهم الهجمات وينتهي بهم الأمر في السجن، أما الآن فقد تمكن المسيطرون على السلطات، سواء في الشرق أو الغرب، من استغلال فصائلهم المسلحة لزرع الخوف في قلوب وعقول الصحفيين، مما أدى في النهاية إلى القضاء على الإعلام المستقل في البلاد.
السياق السياسي والاقتصادي
بعد عقد من النزاعات المسلحة على خلفية “حرب أهلية” مريرة، تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار تحت رعاية الأمم المتحدة في مارس 2021 بين مؤيدي الحكومة في طرابلس والقيادة العامة.
وفق المنظمة غالباً ما يُجبر الصحفيون على الرضوخ لتحيزات وسائل الإعلام التي يعملون بها، مما يؤدي إلى تضليل إعلامي مستمر، بينما يتفشى الفساد بقوة في البلاد، وفي الشرق يخضع الصحفيون لسلطة خليفة حفتر، إذ لا يمكن انتقاد “الجيش” تحت أي ظرف وبأي شكل من الأشكال.
اقتصاديا، يعتمد تمويل وسائل الإعلام الخاصة على عائدات الإعلانات من شركات يديرها رجال أعمال مقربون من الشخصيات السياسية والأعيان، ذلك أن التواطؤ بين السياسة والإعلام من جهة والغموض الذي يلف العقود الإعلانية يقوض بشدة استقلالية وسائل الإعلام والصحفيين، الذين يعملون في ظروف مزرية ويمكن فصلهم بشكل تعسفي حسب نزوات مشغليهم.
الإطار القانوني
لا توجد أي هيئة تنظيمية تُعنى بالصحافة ولا أي إطار قانوني يضمن الحق في الوصول إلى المعلومات أو يفرض على وسائل الإعلام احترام التعددية والشفافية، كما لا يوجد أي قانون يضمن حرية التعبير وسلامة الصحفيين والحق في الحصول على معلومات موثوقة، علماً أن بعض النصوص السارية المتعلقة بحرية التعبير يعود تاريخها إلى أكثر من 50 عاماً، حيث لا تزال تنص على عقوبة الحبس فيما يتعلق بجرائم الصحافة.
مناقشة حول هذا post