أثار التوقيع على ميثاق السلام والمصالحة بليبيا في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا، الجمعة الماضية جدلاً واسعاً بالمشهد الاجتماعي والسياسي الليبي.
ووقعت أطراف ليبية في غياب للمجلس الرئاسي والحكومة في طرابلس على ميثاق السلام والمصالحة الوطنية بحضور رئيس جمهورية الكونغو ورئيس اللجنة الرفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي بشأن ليبيا دينيس ساسو نغيسو، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي.
بالمناسبة، قال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي في تصريحات له، إن دينيس ساسو، رئيس اللجنة الأفريقية رفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي بشأن ليبيا، بذل جهوداً استثنائية وقدم مبادرة لصياغة ميثاق للمصالحة، حيث تم تقديم هذه الوثيقة إلى جميع الأطراف في الغرب والشرق والجنوب.
من جهته، أبدى عضو مجلس الدولة محمد تكالة تحفظاته على مضمون ميثاق السلام والمصالحة الوطنية الليبية الذي جرى توقيعه.
وقال إن صياغة الميثاق تخلط بين المصالحة الوطنية والتسوية السياسية، وهو ما يستوجب التمييز تفادياً لأي التباس خلال التنفيذ.
كما انتقد تكالة عدم تطرّق الوثيقة إلى آليات العدالة الانتقالية، مثل المساءلة وجبر الضرر وكشف الحقيقة والإصلاح القانوني والمؤسسي، متسائلاً عن تجاهل الوثيقة قانون المصالحة رقم 29 لسنة 2013 الصادر عن المؤتمر الوطني العام، وواصفاً ذلك بالتجاوز المريب.
حزبيا، رحب رئيس الحزب الديمقراطي محمد صوان بأي خطوة تجاه المصالحة بين الليبيين لكن بالتوازي مع مشروع سياسي يوحد مؤسسات الدولة في ظل حكومة قادرة على بسط سيطرتها على كامل التراب الليبي، مضيفا أن ما حصل في أديس أبابا لم يخرج عن هذا الإطار خاصة مع الإصرار على استخدام مثل هذا الملتقى والفوضى التي تصاحب المراحل الانتقالية لأي تغيير في الترويج لعودة النظام السابق.
وأكد صوان أن استغلال المصالحة للدعاية إلى سيف الإسلام القذافي واعتباره بوابة لأي مصالحة ومحاولة اختزال المصالحة في شخصه طرح مستفز لمشاعر الكثير من الليبيين، لافتا إلى أن المضي في المصالحة على هذا التوجه غير مجدِ والرجل أخذ فرصته ولم يحسن التصرف ونظامه أصبح من الماضي البغيض.
وتابع صوان أن الحكمة تقتضي عدم ربط المصالحة التي تجمع كل الليبيين من النظام السابق وغيرهم من كل الأطياف بأكثر الأشخاص جدلية، مشيرا إلى أن خطاب سيف الإسلام المملوء بنبرة الثأر وطلب الانتقام خطاب يفرق ولا يجمع ويزيد من الشقاق ويشوش على جهود الخيّرين
وفي ديسمبر الماضي، أُعلن رسميا أن قمة أفريقية خاصة بالملف الليبي ستعقد بأديس أبابا في فبراير القادم، على أن يتم خلالها التوقيع على ميثاق المصالحة الوطنية.
جاء ذلك أثناء الزيارة الرسمية التي أداها الرئيس الكونغولي رئيس اللجنة رفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي المعنية بليبيا، دنيس ساسو نغيسو إلى طرابلس وبنغازي.
وفي اجتماع موسع رفيع المستوى، بحث رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، رفقة القائد العام خليفة حفتر، ورئيس الحكومة في بنغازي أسامة حماد مع رئيس جمهورية الكونغو برازافيل ساسو نغيسو عدداً من الملفات الهامة التي على رأسها ملف المصالحة الوطنية، مثمنين جهود الاتحاد الأفريقي في هذا الملف لإنهاء الانقسام السياسي في البلاد.
أقر مجلس النواب بالأغلبية قانون المصالحة الوطنية بمدينة بنغازي.
وفي رده على ذلك، قال المجلس الرئاسي إن ما شهدته جلسة مجلس النواب الأخيرة خالفت تطلعاتهم وزادت تعقيد مسار المصالحة، مؤكدين أهمية تجنب القرارات الأحادية التي تقوض الشراكة الوطنية وتؤثر سلبا على أمن واستقرار البلاد.
كما شدد المجلس الرئاسي على ضرورة الالتزام بالاتفاق السياسي كأساس شرعي لتنظيم عمل المؤسسات السياسية وتنسيق اختصاصاتها لتجنب النزاعات وفرض الأمر الواقع، مردفا أن مشروع قانون المصالحة الوطنية حظي بإشادة دولية قبل إحالته إلى مجلس النواب منذ أكثر من عام، بعد إعداده وفق معايير مهنية ومرجعيات وطنية لضمان حقوق جميع الأطراف وتعزيز فرص المصالحة، معبرا عن أمله التعامل مع المشروع بروح المسؤولية الوطنية بعيدا عن التسييس.
وتتأسس الوساطة التي سيقود فيها لجنة الاتحاد الإفريقي رفيعة المستوى بشأن ليبيا التي يرأسها الرئيس الكونغولي دنيس ساسو انغيسو، على نداء برازافيل من أجل تسريع عملية السلام والمصالحة في ليبيا الصادر عن اللجنة المذكورة يوم الخامس فبراير 2024.
مناقشة حول هذا post