قال مكتب شمال إفريقيا بمؤسسة روزا لوكسمبروغ، إنه بعد أن كانت المرأة الليبية رمزاً للأمل والمشاركة في الثورة الليبية تواجه الآن قيوداً مشددة تحت ستار الأخلاق مع فرض تدابير للحد من الحريات.
وأفاد مكتب شمال إفريقيا بمؤسسة روزا لوكسمبروغ بأن المرأة الليبية تعيش في جحيم من القيود والإجراءات المكبّلة لحقوقها، أضفْ إلى ذلك طبيعة المجتمع المحافظة للغاية والانفلات الأمني والسياسي ما يجعل هشاشتها مضاعفة ومركّبة.
وأضاف مكتب شمال إفريقيا بمؤسسة روزا لوكسمبروغ أن وزير الداخلية في الحكومة بطرابلس عماد الطرابلسي يسعى عبر تصريحاته بشأن” شرطة الآداب” إلى خلط الأوراق والتنصل من مسؤوليته بوصفه وزيرا للداخلية في محاربة الانفلات الأمني وانتشار السلاح والمآزق الأمنية التي تعيشها ليبيا إلى الوصاية على ملايين النساء عبر استغلاله لزي النساء الليبيات.
في السياق، أشار الباحث في الدراسات الجندرية رضا الكارم إلى أن علاقة المجتمع الليبي بالسلطة هي علاقة سلطوية، فالسلطة تفرض دائما مفاهيمَها وقراراتِها وتصوّراتِها على كامل المجتمع ودائما ما تكون الجماهير على الهامش، إذ أن أزمة ليبيا هي سياسية واقتصادية وأمنية ولكن السلطة ترى أن المشكلة تكمن مع المرأة مع ربط خبيث بين الأخلاق بالمرأة إذ أن “التجاوزات الأخلاقية”التي تحدث عنها وزير الداخلية قام بها الرجال مع النساء ولكن الأخلاق تُربط بالمرأة مع تغييب كامل لمسؤولية الرجال لأن المرأة هي الحلَقة الأضعف، وفق ما نقل مكتب شمال إفريقيا بمؤسسة روزا لوكسمبروغ.
وتحصلت أبعاد على نسخة من قرار استحداث مجلس الوزراء بالحكومة في طرابلس “الإدارة العامة لحماية الآداب العامة” تابعة لوزارة الداخلية.
وأفاد مجلس الوزراء بأن مهام إدارة حماية الآداب ضبط الجرائم التي ترتكب في المحلات العامة والمقاهي والمطاعم والفنادق التي تتنافى مع توجهات المجتمع.
وأوضح مجلس الوزراء أن إدارة حماية الآداب تتولى البحث والتحري في الجرائم المتعلقة بالآداب العامة وتنفيذ تعليمات وزير الداخلية.
وأعلن الطرابلسي عزم وزارته تفعيل إدارة متخصصة بالآداب في كل مديرية أمن ابتداء من ديسمبر، موضحا أن مهامها ستشمل مراقبة مدى احترام الرجال والنساء لقيم المجتمع الليبي ومنع صيحات الموضة المستوردة ومراقبة محتوى الشبكات الاجتماعية.
وأشار الطرابلسي إلى أنه سيتم مراقبة تطبيقات التواصل الاجتماعي ومنع الاختلاط في المقاهي والأماكن العامة وقال من يريد العيش بحرية فليذهب للعيش في أوروبا.
حقوقيا، انتقدت منظمة العفو الدولية “أمنستي” الخطوة، وقال الباحث المعني بالشأن الليبي في منظمة العفو الدولية بسام القنطار، إن الخطوة تُعدّ تهديدا بقمع الحريات الأساسية باسم “الأخلاق” وتصعيدًا خطيرًا في مستويات القمع الخانقة أصلًا في ليبيا بوجه الذين لا يمتثلون للمعايير الاجتماعية السائدة.
وأفاد القنطار بأن اقتراحات فرض الحجاب الإلزامي على النساء والفتيات من عمر تسع سنوات، وتقييد الاختلاط بين الرجال والنساء، ومراقبة اختيارات الشباب الشخصية فيما يتعلق بقصات الشعر والملابس، ليست فقط مثيرة للقلق، بل تشكل أيضًا انتهاكًا لالتزامات ليبيا بموجب القانون الدولي.
واعتبرا المنظمة أن القرارات الأخيرة تستهدف انتهاك حقوق المرأة والمساواة، منها إجبار النساء على الحصول على إذن من أولياء أمورهن الذكور (المَحارم) قبل السفر إلى الخارج.
وطالبت المنظمة الحكومة في طرابلس بإلغاء هذه الإجراءات المقترحة، والتركيز على معالجة أزمة حقوق الإنسان المتفاقمة في البلاد، والتي تتسم بالاعتقال التعسفي الجماعي، والاختفاء القسري، والتعذيب والمحاكمات الجائرة، كما يجب حماية حقوق حرية التعبير والتجمع السلمي، واتخاذ تدابير لمكافحة جميع أشكال العنف الجنسي وغيره من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي والتمييز.
تعليقا على تصريحات وزير الداخلية عماد الطرابلسي، طالبت منظمة هيومن رايتس واتش الحكومة في طرابلس والمجتمع الدولي بعدم التسامح مع أي تدابير تنتهك الحقوق الأساسية للنساء.
وقال ناشطون حقوقيون في بيان استنكاري، إن تصريحات المسؤول الحكومي تضمنت “تهديدا باستخدام القوة والتضييق على الحريات الخاصة والعامة، بما في ذلك إغلاق المقاهي ومنع النساء من السفر”.
وأضاف الناشطون في عريضة إلكترونية وقعها حقوقيون وإعلاميون وسياسيون، أن هذه التصريحات “تضر” بحقوق الأفراد وتتعارض مع المبادئ الذي نص عليها الإعلان الدستوري الذي وضع بعد الإطاحة بنظام معمر القذافي عام 2011.
نطالب الناشطون وزير الداخلية بالاعتذار للشعب الليبي عن هذه التصريحات والتزامه بالقوانين والإعلان الدستوري في جميع إجراءاته، داعين السلطات الحاكمة في ليبيا إلى احترام الحقوق الفردية والتعامل مع القضايا الأمنية ضمن إطار من الحماية والعدالة، بما يحفظ كرامة الإنسان ويحمي الحريات الأساسية.
وعبْر وسم #كلنامعوزيرالداخليةعماد_الطرابلسي عبّر ليبيون عن تأييدهم للطرابلسي بالقول “نحن مع وزير الداخلية قلبا وقالبا وكل أفراد الشعب رحب بقراراته .
وطالب آخرون منظمة العفو بترك ليبيا وشأنها بالقول “عندكم أولويات في العالم أهم من ليبيا عندكم انتهاكات حقوق الإنسان في دول عظمي وكبيرة”.
واعتبر ناشطون أن الوزير عماد الطرابلسي ارتكب خطأ في التواصل مع الجمهور لإيصال فكرته، لكن نيته صادقة في الحفاظ على القيم الثقافية، إلا أن “المتطرفين” قد يستغلون هذا الوضع لاحتلال المشهد الليبي
مناقشة حول هذا post