يكمن خطر القطع في مسائل السياسة وتخوين المخالفين، في أمرين أساسيين :
الأول : صعوبة الرجوع عن الرأي القديم، الذي قطعَ المرءُ بباطله، و”منهج” الاستدلال الذي أوصله لبطلانه،… بخاصة إذا قلّده فيه جمعٌ غفير، وترتّبَ على الأخذ به آثارٌ وأضرار، يصعُب عليه إنكارُها لاحقا.
الثاني: اهتزاز ثقة العوام في علم القائل، واتساع رقعة سوء الظن والارتياب، لتشمل المتخصصين في ذاك الحقل العلمي.
” الممارسة” السياسية، تندُر فيها الثوابت والقطعيات، …وسياستنا الشرعية،تتأسس على قيم إسلامية جامعة، وتدور اجتهاداتها في فَلَك التقريب والتغليب، أو الموازنة بينَ خيرِ الخيرين وشرِ الشرين. لا بين الخير والشر …
ويكفي ان تقول: هذا صوابٌ، أرى اتباعَه،وذاك خطأ أُحذِّر من اجتراحِه.
أما شقُّ الصدورِ لكشف النيات، والجمود بدعوى الثبات، وترصيع الخطاب بلن، وسائر القطعيات، …
فهي دعاوى أقرب للاستهلاك، وقد علمتني التجارب أن جُلَها سرابٌ بِقِيعةٍ، يَحْسَبُه المتحمسُ الصادق ماءً، حتى إذا ما تَبَدّلت موازينُ القوى، ولاحت معاقدُ المصلحة، وألحت إكراهات الواقع،… لم يجده شيئا !!
ومن لم يتعظ بتاريخنا البعيد، وحاضِرنا القريب، فلينتظر الأيامَ، فهي حُبالى تلدُ كلَ جديد !
الشيخ ونيس المبروك
عضو مجلس الأمناء بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
مناقشة حول هذا post