زيارات متتالية لنائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف إلى بنغازي، تجاوزت خمس زيارات خلال أقل من سنة، ما يفسر اهتماما روسيا عسكريا متزايدا بشرق ليبيا ما يشي بأن موسكو تستعد لإخراج وجودها العسكري من الظل إلى العلن ومساعي تعزيز نفوذها نحو إفريقيا بتعامل عسكري رسمي عبر ” الفيلق الإفريقي” بدل مجموعة ” فاغنر”.
وأنهى نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف زيارة إلى بنغازي التقى قائد القيادة العامة خليفة حفتر وغادرها الاثنين متوجهاً إلى نيامي للقاء قادة المجلس العسكري في النيجر.
وأكد يونس بك يفكيروف لحفتر التزام موسكو بدعم وتعزيز قواته في مجال التدريب ورفع الكفاءة، حيث نقل مكتب حفتر الإعلامي في إيجاز صحافي إنه ويفكيروف أجريا محادثات أكدا خلالها “العلاقة الودية” بين قيادة حفتر وموسكو و”أهمية تطويرها في المجالات العسكرية والاقتصادية”.
إقليميا، وصل يفكيروف نيامي، الاثنين، وبحث رئيس المجلس العسكري الحاكم الجنرال عبد الرحمن تياني، ووزير الدفاع الجنرال ساليفو مودي، سبل تعزيز التعاون الثنائي في مجال الأمن والدفاع والتنمية الاقتصادية، وفق ما أفاد به المجلس العسكري في النيجر على حسابه الرسمي بمنصة إكس.
ونقل المجلس العسكري النيجري عن يفكيروف التزام موسكو بدعم النيجر في تطلعاتها المشروعة، والرغبة في تعزيز الشراكة الإستراتيجية بين البلدين لبحث الحلول للتحديات الإقليمية والدولية.
وصاحب الحراك العسكري الروسي نشاط دبلوماسي موازٍ، أطلقه وزير الخارجية سيرغي لافروف من عاصمة الكونغو، برازافيل، في زيارة رسمية تستغرق يومين بدأت منذ أمس الاثنين، تهيمن عليها الأزمة الليبية.
ومن المتوقع أن تقوده الزيارة الأربعاء إلى نجامينا حيث سيلتقي الرئيس محمد إدريس ديبي، المنتخب والمنصّب حديثا، لبحث التعاون المشترك بين البلدين والوضع العام في منطقة الساحل والصحراء.
بالتزامن، وصل صدام نجل حفتر، الذي يحمل صفة رئيس أركان القوات البرية العاصمة التشادية أنجامينا التقى فيها الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي، وبحسب الصفحة الرسمية لرئاسة أركان القوات البرية بقيادة حفتر، فإن صدام بحث بصفته مبعوثاً لوالده بحث مع ديبي سبل التعاون والتنسيق في جميع الجوانب العسكرية والأمنية والاقتصادية بما يخدم المصالح المشتركة.
غربيا، حذرت “ديلي إكسبرس” البريطانية من أن استمرار التعامل الغربي مع خليفة حفتر يهدد بعرقلة المساعي الأوروبية لكبح النفوذ الروسي المتزايد في ليبيا.
وحذرت “ديلي إكسبرس” من أن أوروبا قد تدفع فاتورة توسع النفوذ الروسي في ليبيا، إذ يوفر فرصة لموسكو لتوظيف ورقة الهجرة واستخدامها للضغط على القوى الأوروبية.
في سياق ذي صلة، نبهت وكالة الحدود الأوروبية “فرونتكس” من أن توجه بوتين لنقل المهاجرين غير النظاميين إلى عتبة أوروبا، سواء على طول الحدود الشرقية لروسيا أو من خلال وكلاء في إفريقيا، يشكل تهديدا كبيرا للأمن.
ويشير تقرير “ديلي إكسبرس” إلى أن الدبلوماسيين الغربيين يحاولون “مغازلة” حفتر من خلال تقديم التنازلات والعقود الاقتصادية، مقابل تعهده بكبح تدفق المهاجرين غير النظاميين.
ويتصدر الحديث عن النفوذ الروسي في ليبيا وعن رغبة موسكو في التوسع في إفريقيا عموما، أحاديث المراقبين والمحللين خاصة مع تواتر المخاوف الأوروبية وتأثيره على مصالحهم، فيما حذر آخرون من خطورة الوضع.
في سياق ذي صلة، كشفت صحيفة لوموند أن موسكو تعمل على زيادة قواتها ومعداتها العسكرية في ليبيا، معززة نفوذها الذي يمكن أن يؤثر على تدفقات الهجرة غير النظامية نحو أوروبا.
وقالت لوموند إنه يجري تعزيز الهيكل الإستراتيجي الذي رسمته موسكو شمال أفريقيا، لافتة إلى أن الوجود الروسي في ليبيا، والذي كان ملموسا بالفعل منذ عام 2019 على شكل وحدات شبه عسكرية “فاغنر”، شهد تسارعا مفاجئا منذ بداية العام.
وخلصت مذكرة نشرتها منظمة All Eyes on Wagner، إلى أن روسيا تنقل جنودا ومقاتلين روس إلى ليبيا منذ ثلاثة أشهر، وتؤكد هذه المجموعة الدولية التي تحقق في الشبكات الروسية بأفريقيا التأكيد أن تسليم المعدات والمركبات العسكرية من سوريا إلى ليبيا يشكل الجانب الأكثر وضوحا لهذا التدخل المتزايد.
وفي تحقيق معمق، نشره الموقع الإلكتروني لمبادرة “ALL EYES ON WAGNER“، وهي مبادرة بحث واستقصاء فرنسية-سويسرية تأسست عام 2017 لمراقبة أنشطة مجموعة فاغنر الروسية، تم الكشف عن اهتمام الكرملين بالوجود في ليبيا، وهو ما دفعه لتغيير الإستراتيجية التي كان يعتمد عليها في السابق، من خلال إرساله مجموعة من المرتزقة تحت سيطرة يفغيني بريغوجين.
وأشارت المنظمة إلى أن 1800 روسي منتشرون الآن في جميع أنحاء البلاد، مردفة أن سفينتين تابعتين للبحرية الروسية غادرتا قاعدة طرطوس البحرية السورية، ووصلتا إلى ميناء طبرق الليبي في 8 أبريل الماضي.
مناقشة حول هذا post