تشهد ليبيا أزمة سياسية متشابكة نتيجة لعوامل داخلية وأخرى خارجية تتسم بالتداخل والتعقيد في الوقت نفسه، رغم أن البلاد شهدت عملية تحول ديمقراطي نسبي إلا أن الصراع الداخلي الذي اندلع في الشرق والجنوب والغرب الليبي منذ 2014 وتدويل الأزمة أوصد الأبواب أمام جهود الحل الأممي.
وعقب استقالة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي، وصلت نائب باتيلي الأمريكية ستيفاني خوري إلى العاصمة طرابلس، قادمة من تونس حيث من المقرر أن تقعد سلسلة اجتماعات مكثفة مع كافة الأطراف والأجسام السياسية والعسكرية الفاعلة في المشهد الليبي.
ومن خلال تأكيد مساعيها في ترك يدها مبسوطة على الأزمة الليبية، جرى تعيين الدبلوماسية الأميركية ستيفاني خوري نائبا لرئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عبدالله باتيلي مكلفة بالملف السياسي، مترجمة تحكمها بالمنصب الذي كانت وراء استحداثه بموجب قرار مجلس الأمن الرقم 2542 لسنة 2020، وتعاملت معه بمقاربة إستراتيجية حتى تبقى قريبة من تفاصيل المشهد المعقد سياسيا وأمنيا واقتصاديا وجغرافيا.
وشغلت خوري مناصب عدة مرتبطة بإدارة النزاعات وبناء السلام في الشرق الأوسط على مدى 30 عامًا، نحو 15 عامًا منها في دول العراق ولبنان وليبيا وسوريا السودان واليمن.
وتعد خوري ثاني أمريكية تشغل منصب نائب المبعوث الأممي في ليبيا، عقب مواطنتها ستيفاني وليامز التي شغلت المنصب إبان ولاية المبعوث الأسبق غسان سلامة، قبل أن تتولى إدارة البعثة بالإنابة.
والمتتبع لمسيرة خوري الطويلة يجد أنها دورها تنفيذ الأجندة الأمريكية لاسيما وسط استمرار الوضع المتأزم في السودان والعراق وسوريا وبقية الدول الأخرى التي لا زالت تواجه أزمات سياسية وأمنية وإنسانية.
ويعد تعيين خوري أمرا متوقعا خاصة أن معظم خبراتها السابقة في مناطق النزاعات والأزمات، وعادة ما تلجأ إليها الإدارة الأمريكية لفرض رؤيتها وسيطرتها على ملف معين وهو ما يتجه إليه الملف الليبي حيث دفعت المتغيرات التي حدثت في الساحة الليبية واشنطن لإحداث تغيير على مستوى البعثة الأممية لإمساك الملف الليبي مجددًا.
ويتفق عديد المراقبين على أن تعيين خوري قبيل استقالة باتيلي دليل على دور أمريكي أكبر في المرحلة المقبلة حيث ستعمل الدبلوماسية الأمريكية على قيادة الوساطة الأممية بدعم غربي، على غرار المبعوثة السابقة ومهندسة اتفاق جنيف ستيفاني ويليامز.
ويرى الكثير من متابعي المشهد الليبية أن النشاط الأمريكي العسكري، والسياسي عبر تعيين مبعوثة أممية أمريكية الجنسية، جاء ليحد من الوجود الروسي ونفوذها في القارة الإفريقية.
وربما تعتمد البعثة الأممية في ليبيا في عهد المبعوثة الأمريكية على سياسة العصا والجزرة مع الفرقاء والأطراف السياسة الليبية من أجل تمرير ما تريده واشنطن، ووفقا لمنصبها ستتولى خوري ملف الحوار بين الفرقاء الليبيين ما يجعلنا نتوقع احتمالية حدوث تغيير في المشهد الليبي وصعود بعض الشخصيات على حساب أخري وفق الرؤية الأمريكية وحدوث تغيرات عسكرية وأمنية واقتصادية.
مناقشة حول هذا post