يخضع عبد الحميد الدبيبة لاختبار جاد اليوم حول حقيقة تمسكه بإجراء الانتخابات، وإنهاء المراحل الانتقالية في ليبيا، والذهاب بالبلاد نحو الاستقرار التام، وتشكيل سلطة منتخبة من قبل الشعب الليبي.
ففي حدث ربما يكون الأول من نوعه أصدر مجلس النواب الليبي التعديل الدستوري الثالث عشر الذي ينظم عمل الرئيس ورئيس الوزراء والسلطة التشريعية، ليكون القاعدة الصلبة التي يُجرى على أساسها الاستحقاق الانتخابي المقبل.
وفي المقابل بادر المجلس الأعلى للدولة بمباركة هذا التعديل، والتصويت باعتماده، والذهاب إلى المرحلة التي تليها، بتشكيل لجنة مشتركة لصياغة القوانين الانتخابية التي تُعد بمثابة اللمسات الأخيرة لأساس متكامل يُسلم إلى المفوضية العليا للانتخابات لتبدأ بدورها رفقة الجهات التنفيذية المختلفة تحقيق حلم 2.8 مليون ليبي كواقع معاش.
كل هذا وضع الدبيبة على المحك، فهو الذي طالما وضع الكرة في ملعب المجلسين، مطالبا إياهما بإصدار قاعدة دستورية توافقية لإجراء الانتخابات بناء عليها، متعهدا في حال تحقيق ذلك بتقديم الدعم الكامل للمفوضية والجهات الأمنية للمضي قدما في تنفيذ ما يلزم.
فما رفضه الدبيبة بالأمس من إصدار تشريعات انتخابية دون توافق بين المجلسين لم يحدث اليوم، فالتعديل الدستوري صادر باتفاق بينهما، والقاعدة التي كان ينتظرها طيلة عامين ها هي اليوم في متناول الجميع قراءتها عبر الجريدة الرسمية، فهل يستجيب الدبيبة؟
أول ردود الفعل من قبل الرجل الذي لا يزال متربعا على كرسي السلطة في طرابلس على الرغم من سحب الثقة وانتهاء مدد الاتفاق السياسي لا تبشر بذلك، فمن المطالبة بإصدار القاعدة إلى المطالبة بعرض القاعدة على الشعب، بل والتلويح بضرورة وجود دستور ينظم العملية الانتخابية.
ولا شك أن اعتماد مشروع الدستور أو حتى الاستفتاء على القاعدة الدستورية الحالية أمر لا يتوافق مطلقا مع المدة الزمنية التي ضربتها البعثة الأممية والمجتمع الدولي للانتخابات، في غضون فترة لا تتجاوز العام الحالي.
كما أن المطالبة بالاستفتاء على التعديل الدستوري أمر غير ملزم للسلطة التشريعية التي لها إصدار التعديلات اللازمة طالما توفر النصاب، ولقي التعديل قبولا لدى الشريك في العملية السياسية؛ مجلس الدولة.
إلى جانب غموض الاستفتاء، فكيف سيُجرى؟ ميدانيا أم إلكترونيا؟ ومن سيشرف على الاستفتاء؟ ومن يضمن القبول بمصداقية النتائج؟ ومن المراقب؟ وكيف ستكون آلية الاستفتاء لليبيين شرقا غربا وجنوبا؟
جميعها أسئلة قد تقودنا إلى “متاهات” تبعدنا عن الهدف الواضح والمطلوب؛ إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة، ورحيل كل الأجسام الحالية، واختيار الليبيين من يقودهم خلال المرحلة المقبلة.
ومع انتفاء “الموانع” وتحقق الاشتراطات التي كان يدعو إليها عبد الحميد الدبيبة لترك السلطة كما تعهد بذلك مرارا، لم يبق أمامه سوى إفساح الطريق للعملية الانتخابية أو التوقف عن ادعاء نصرة الانتخابات وإنهاء المراحل الانتقالية التي طالما تغنى بها!
مناقشة حول هذا post