كثيرة هي التوافقات التي حققها رئيسا مجلس النواب عقيلة صالح، والمجلس الأعلى للدولة خالد المشري مؤخرا، وهو ما انعكس إيجابا على عدة ملفات كانت عالقة بين الطرفين، واليوم باتت في طي الماضي.
القضاء ينال استقلاليته
ها هم رجالات القضاء يحسمون أمرهم، وينصّبون فيما بينهم من يتولى المناصب القضائية العليا في البلاد، بعد توافق الرجلين على إتاحة المساحة لهم للتوافق على شخصيات يرونها مؤهلة لقيادة دفة القضاء الليبي.
ومؤخرا توافق مجلسا النواب والأعلى للدولة على ترشيح الجمعية العمومية للمحكمة العليا باختيار المستشار عبد الله بورزيزة رئيسا للمحكمة خلفا للمستشار محمد الحافي؛ ليكون القرار نافذا، ويتسلّم بورزيزة مهامه من مقر المحكمة في العاصمة طرابلس.
كما أن قرار مجلس النواب القاضي بتعديل قانون رئاسة المجلس الأعلى للقضاء، الذي كان يرأسه رئيس المحكمة العليا، ليصبح مفتش الهيئات القضائية هو من يشغل هذا المنصب، وهو ما أدى إلى تنصيب المستشار مفتاح القوي رئيسا للمجلس الأعلى للقضاء بدلا من المستشار محمد الحافي؛ خطوة لم تلق معارضة من المجلس الأعلى للدولة الذي اعتاد إعلان رفضه أي قرارات من البرلمان إذا رآها باطلة أو مخالفة للقوانين.
وقبل ذلك كله بدأ هذا التوافق على إفساح المجال أمام رجالات القضاء، بالاتفاق على اختيار المستشار الصديق الصور نائبا عاما بعد سنوات من شغله منصب رئيس قسم التحقيقات بمكتب النائب العام.
المناصب السيادية على الطريق
كانت المناصب السيادية تشهد انسدادا تاما على الرغم من التوصل إلى عدة تفاهمات في حوارات المجلسين ببوزنيقة المغربية، غير أن حالة الانقسام السياسي والعسكري الحاد حالت دون ذلك، ومع انخفاض حدة الصراع، واللقاءات المتعددة التي جمعت مؤخرا رئيسي المجلسين، يرى كثيرون أن المناصب السيادية قد تكون مطروحة على طاولة الحوار.
وأشار رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري إلى ذلك، حين أكد وجود مناصب سيادية أخرى ما زالت تعاني، منها هيئة مكافحة الفساد التي تضم 3 أو 4 رؤساء بينهم من يُشتبه في كونه غير ليبي.
جاء ذلك خلال الجلسة الـ 79 لمجلس الدولة في العاصمة طرابلس، والتي اعتبر فيها المشري التوافق بينهم وبين مجلس النواب فيما يتعلق بالنائب العام ورئيس المحكمة العليا “أمرا إيجابيا”.
هل يتجاوزان عقبة القاعدة الدستورية؟
لم يبق أمام رئيسي المجلسين عقيلة والمشري إلا التوافق على الأساس الدستوري الذي يمهد الطريق نحو الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المرتقبة، ولم يظل فيه سوى بضع مواد خلافية تقف حائلا دون الاتفاق التام، أشار المشري إلى أبرزها، وهي ترشح مزدوجي الجنسية، مؤكدا أنه لم يتم التوصل إلى أية صيغة لاجتياز هذه المادة، وفق قوله.
غير أن المشري تحدث أيضا عن وجود 146 مادة من القاعدة الدستورية لا يوجد عليها أي خلاف أو تعديلات، وهو ما يشي بإمكانية كبيرة لحدوث توافق حول القاعدة، وبالتالي تمهيد الطريق بالكامل نحو الاستحقاق الانتخابي.
تقارب من شأنه أن يقود البلاد نحو الغاية المرجوة، في انتظار أن تتحمل بقية الجهات التنفيذية والقضائية مسؤوليتها التاريخية في البناء على هذا التوافق للوصول بليبيا إلى بر الأمان.
مناقشة حول هذا post