بشريط حدودي مترامي الأطراف يتجاوز 382 كم، بين أراض صحراوية خالية من أي مظاهر للحياة، وسلاسل جبلية عملاقة، تُعد الحدود الليبية السودانية واحدة من أهم الملفات الأمنية للبلدين، لاسيما الجانب الليبي الذي عانى وما يزال؛ نتيجة هشاشة الأوضاع الأمنية في ليبيا.
ومع اندلاع حرب عنيفة داخل مناطق وضواحي العاصمة السودانية الخرطوم، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع التي يقودها حمدان حميدتي، تتزايد التساؤلات ما إذا كانت ستلقي بظلالها على الليبيين والداخل الليبي، وإلى أي مدى.
ففي السودان، أكد المكتب الإعلامي للسفارة الليبية في الخرطوم لـ أبعاد أن الوضع خطير جدا في البلاد، ولم تتخذ السفارة قرارا بشأن إجلاء الرعايا الليبيين بسبب خطورة الحركة جراء تصاعد حدة الاشتباكات.
وأفاد المكتب أن حركة الملاحة الجوية في مطار الخرطوم الدولي متوقفة منذ أمس السبت، وهو يصعب على السفارة اتخاذ قرار بإجلاء الرعايا، مبينا أنهم على تواصل مع معظم أبناء الجالية وهم بخير وملتزمون بتعليمات السفارة بالبقاء في منازلهم.
وعلى صعيد انعكاسات الأزمة على ليبيا، قال عضو مجلس النواب سعيد امغيب، إن السودان دولة جارة تربطها بليبيا حدود مشتركة، وبكل تأكيد ما يحدث فيها سوف يلقي بظلاله على أمن حدود ليبيا الجنوبية، حسب تعبيره.
وفي تدوينة على فيسبوك، أشار امغيب إلى أنه من المؤكد أن ما يحدث الآن من فوضي في السودان، وفي هذا التوقيت بالذات، سيستفيد منه من يسعى لتنفيذ مخطط كبير يستهدف الجنوب الشرقي لليبيا، وفق قوله.
حديث النائب امغيب، يعيد إلى الواجهة ما تعانيه ليبيا من حدودها الشاسعة مع السودان، فقد كشفت تقارير محلية ودولية متعددة عن انتشار ظاهرة التهريب للسلاح والمرتزقة، والاتجار بالبشر والمخدرات، في تلك المساحات الصحراوية الخالية.
وأيضا تشكل مرتزقة الجنجاويد التي باتت تعرف بقوات الدعم السريع مشكلة أمنية لليبيا، حيث إن المئات منهم يتنقلون بين ليبيا والسودان بأوامر من محمد حمادي حميدتي المتحالف مع مرتزقة فاغنر الروس، وفقا للكاتب المتخصص في الشؤون الأفريقية موسى تيهوساي.
وهو ما يفتح احتمالية أن تكون ليبيا ملاذا آمنا لقوات الدعم السريع في حال حدوث أي تراجع أمام الجيش السوداني خلال المعركة الحالية، وفي حال تقدم قوات حميدتي فستظل ليبيا على سابق عهدها بوابة عبور مهمة بالنسبة لهم، لاسيما مع ارتفاع نفوذهم في السودان.
معطيات مختلفة، جميعها تجعل من ليبيا طرفا متأثرا بشكل سلبي مع كل السيناريوهات التي يمكن حدوثها في السودان، وهو ما يؤكد مدى تضرر البلاد من الحدود الجنوبية المترامية التي تشترك فيها ليبيا مع عدة دول تعاني هي الأخرى من مشاكل أمنية معقدة، ما يضاعف مسؤولية الجهات المعنية بوضع حد لأزمة الفراغ الأمني في الجنوب.
مناقشة حول هذا post