خلال مقابلة مع قناة سكاي نيوز، كشف سفير الولايات المتحدة الأمريكية ومبعوثها إلى ليبيا ريتشارد نورلاند عن الرؤية الأمريكية لحل الأزمة الليبية المستعصية منذ سنوات.
“الانتخابات فقط”
وقال نورلاند، إن ما تحتاجه ليبيا الآن هو اتفاق عام على حكومة شرعية بشكل كامل تحظى بالقوة والثقة لإدارة شؤون كل الليبيين، “وهذا سيحصل فقط عبر الانتخابات”.
وأضاف أن المفوضية العليا للانتخابات تتمتع بالكفاءة، وتمكنت من توفير كل المتطلبات التقنية للمضي قدما نحو الانتخابات، كما أن هناك مليونين و800 ألف ناخب مسجلا متحمسين للإدلاء بأصواتهم، “وقد شعروا بالخيبة لعدم استطاعتهم القيام بذلك”.
أسباب عرقلة انتخابات ديسمبر
وأشار السفير ريتشارد إلى أن ما أعاق الانتخابات السنة الماضية، هم المرشحون الجدليون، فالليبيون لم يتفقوا على من يجب أن يترشح، ومن لا يجب أن يفعل ذلك، بما يشمل مرشحين شديدي الجدل.
وتابع: “أعتقد أن الليبيين عندما ينظرون لهذا الأمر مجددا، فإننا نسمع عن اتجاه متزايد يدعو إلى أن يقرر الناس من يجب أن يترشح، ومن سيفوز، دون محاولة حسم ذلك مسبقا”.
“انعدام الثقة يؤجج الصراع الليبي”
خلال المقابلة التلفزيونية، لفت السفير الأمريكي إلى أن ” الليبيين وحدهم من يقررون مستقبل بلادهم” مؤكدا أن انعدام الثقة بين الأطراف الليبية وبعض الأطراف الإقليمية يؤدي إلى تأجيج الصراع الليبي، داعيا إلى ضرورة تجاوز حالة انعدام الثقة، والمضي قدما نحو الانتخابات.
وعلق نورلاند على هذه الخلافات ٦قائلا: ” هناك مصالح أمنية واقتصادية على المحك، وعليه فإن حل مثل هذه المشكلات العميقة لن يكون سهلا”.
لا يمكن استمرار الأمر كما هو عليه
وأشار الدبلوماسي الأمريكي إلى حوارات الأمم المتحدة في نيويورك في حديثه قائلا: “شهدنا هذا الأسبوع في نيويورك الكثير من الحراك الدبلوماسي الذي يعكس حقيقة أنه وبسبب العنف الذي اندلع مؤخرا في ليبيا، بات الجميع يتفهم أن بقاء الأمر على ما هو عليه لا يمكن أن يستمر، وعليه فإنه علينا أن نتجاوز حالة انعدام الثقة ونتحرك بأسرع ما يمكن باتجاه الانتخابات”.
أزمة التشكيلات المسلحة
وحذر نورلاند من الدور السلبي للتشكيلات المسلحة في الأزمة الليبية، لافتا إلى أن تنامي دورها لم يحدث بين ليلة وضحاها، موضحا في ذات الوقت أنه يجب التمييز بين هذه “المليشيات المتعددة” فبعضها يمكن أن يكون جزءا من مكوّن عسكري ليبي جديد وموحد وبعضها يمثل “عصابات إجرامية” على حد تعبيره.
وصرح نورلاند بأنه من المهم عدم استبعاد فكرة فرض العقوبات على تلك التشكيلات عندما يستدعي الأمر، مبينا أن المجتمع الدولي بأسره يأخذ ذلك في الحسبان.
ووصف حال الليبيين بأنهم يشعرون بالإحباط، موضحا: “هناك حالة من عدم الاستقرار وازدياد للعنف بشكل دوري، وانقطاعات في الكهرباء وزيادة في الأسعار، ومن حق الليبيين السؤال، لماذا لا يمكن لهم إجراء الانتخابات والتحرك نحو حكومة مستقرة؟”.
لدى باتيلي الفرصة ولحظة السلام في ليبيا هي الآن
نورلاند ذكر أن الجميع رأى حوارا بين الفاعلين الدوليين والليبيين، وطرح بعض الأفكار الجديدة، إلى جانب تعيين مبعوث أممي خاص جديد إلى ليبيا هو عبد الله باتيلي، بخبرته السياسية وحمله صوت الاتحاد الإفريقي، الذي يعد لاعبا مهما في هذه المعادلة، وعاملا إيجابيا.
وأردف قائلا: ” نعتقد أن اللحظة أصبحت جاهزة لمساندة باتيلي فيما يحاول عمله، لأنه مع كل جهذه الأجزاء المتحركة، نحتاج إلى من ينظم الأمور، وأعتقد أن هذا هو الدور التقليدي للمبعوث الأممي الخاص”.
وأشار إلى أنه من المهم أن لدى باتيلي فرصة البناء على ما تم إنجازه، وليس عليه أن يبدأ من الصفر، فالأمور جاهزة للتقدم نحو خواتيمها، و”نحن نعتقد أن لحظة السلام في ليبيا هي الآن”، على حد تعبيره.
وأفاد أن الجميع تابع وقف إطلاق النار في شهر أكتوبر من العام 2020، وقد حدث في وقت لم يتوقعه أحد، مشيرا إلى أن هناك فرصة جديدة الآن للبناء على ذلك، وتحويله إلى تسوية سياسية دائمة، فالشروط ناضجة ولا أحد يريد العودة إلى العنف واسع النطاق.
يجب تجنب تضخيم الدور الأمريكي
وشدد مبعوث الولايات المتحدة على ضرورة عدم تضخيم الدور الأمريكي في الأزمة الليبية، مبينا أن واشنطن تريد استخدام نفوذها للمساعدة في حشد الدعم الدولي للعملية الانتخابية، خاصة وأنه كان لها دور ما منذ 10 سنوات في الاضطراب الذي أدى إلى ما عليه ليبيا اليوم.
واختتم حديثه قائلا: “أعتقد أنك ستسمع القادة الأميركيين يتحدثون عن إحساس بالمسؤولية في محاولة لمساعدة الليبيين على حل هذه المشكلة” حسب قوله.
مناقشة حول هذا post