وسط مشهد جديد يعكس تطورات الانسداد السياسي والتشرذم المؤسسي، اعتمد مجلس النواب ميزانية لصندوق التنمية والإعمار الذي يقوده بلقاسم نجل خليفة حفتر.
وترأس جلسة النواب رئيس المجلس عقيلة صالح الذي أعلن عن أن الجلسة جاءت بطلب تقدم به 35 نائبا بمنح صندوق التنمية ميزانية خاصة به تقدر بـ69 مليار دينار ليبي موزعة على ثلاث سنوات.
وفيما فتح عقيلة صالح النقاش حول هذا الطلب، برزت آراء معارضة، إذ طالب بعض النواب بضرورة توضيح مصروفات صندوق الإعمار للسنوات الماضية، لكنّ مشادات كلامية قابل بها النواب المطالبين بميزانية الصندوق اعتبروا مطالب توضيح مصروفات الصندوق مرفوضة وأنها “مزايدة وعرقلة” لمشروع الاعمار الذين وصفوه بأنه أكثر المشروعات “وطنية”، وشدّدوا على ضرورة دعمه من مجلس النواب.
وقال المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب عبد الله بليحق إن الجلسة ناقشت اعتماد خطة التنمية للأعوام 2025- 2026-2027، وخلصت جلسة إلى ما يلي: موافقة مجلس النواب على إعداد ميزانية صندوق التنمية، وإعادة إعمار ليبيا مع تقديم الإيضاحات المطلوبة وملاحظات النواب، وتشكيل لجنة تضمّ عضواً عن كل دائرة للاجتماع مع إدارة الصندوق لإعداد الميزانية لتوضيح كيفية صرف الميزانية على جميع المناطق، وكذلك تشكيل لجنة فنية لدراسة موضوع الاتفاقية الليبية التركية المقدمة من الحكومة الليبية المنتخبة من مجلس النواب، وإلغاء الاستثناءات كافّة من الرقابة الإدارية والمالية.
في طرابلس، بحث رئيس الحكومة في طرابلس عبد الحميد الدبيبة مع عدد من أعضاء المجلس الأعلى للدولة، التطورات السياسية والاقتصادية الجارية، ومتابعة مشروع الحكومة لبسط الاستقرار، وتوحيد المؤسسات، وحماية الاقتصاد الوطني من العبث المالي الموازي.
وأكد الدبيبة خلال اللقاء على رفض الحكومة القاطع لأي مسارات موازية للإنفاق العام خارج الأطر الشرعية، محذرًا من أن هذه الممارسات تُحمّل الدولة أعباء مالية ضخمة تُصرف في أبواب غير حقيقية، ثم يُعاد تعويضها عبر الدين العام، ما يعني عمليًا خصمًا من جيب المواطن وخفضًا فعليًا لقيمة دخله.
وشدد رئيس الحكومة على أن المواطن الليبي لن يستفيد من مشاريع تُنفّذ بأسعار مُضاعفة خارج النظام المالي الموحد، قائلاً:”“ما جدوى المشاريع إذا كانت تُنفذ بأسعار مُضاعفة وتُخصم من جيب المواطن عبر الدين العام؟!”
وفي هذا السياق، طالب الدبيبة، رئيس مجلس النواب بالإفصاح عن مصير أكثر من 100 مليار دينار تم إنفاقها خارج الميزانية العامة خلال العامين الماضيين، مؤكدًا أن هذه المطالبة لا تأتي من باب الشفافية فقط، بل نتيجة مباشرة لما تسبب فيه هذا الإنفاق من تدهور في قيمة الدينار الليبي، وانعكاسات خطيرة على دخل المواطن وثقة السوق.
سياسيا، حفظت كتلة التوافق بالمجلس الأعلى للدولة على مشروع قانون اعتماد خطة التنمية للأعوام 2025 و2026 و2027 المطروح تحت قبة البرلمان الذي يتضمن تخصيصات مالية غير مرتبطة بشكل مباشر بمشاريع تنموية.
ودعت كتلة التوافق مجلس النواب إلى عدم تمرير القانون لما يتضمنه من ترتيبات مالية تقوم على الخصم المباشر من عائدات النفط.
وقالت كتلة التوافق، إن مشروع القانون بشكله الحالي قد يؤدي إلى رفع مستوى الدين العام وهو ما قد ينعكس سلباً على الاستقرار المالي للدولة.
ورفضت كتلة التوافق تخصيص مبالغ كبيرة في ظل الوضع المالي الحرج الذي تمر به الدولة، مؤكدة أهمية الالتزام بالنهج الذي اعتمد سابقا في تمويل مشروعات التنمية، والمتمثل في تخصيص ميزانيات سنوية مرنة تجزأ حسب مراحل التنفيذ.
وحذرت كتلة التوافق من التداعيات الاقتصادية المترتبة على اعتماد قانون بتخصيصات تمتد لثلاث سنوات مما قد يؤدي إلى زيادة معدلات التضخم تراجع قيمة العملة الوطنية وتفاقم العجز المالي.
مناقشة حول هذا post