قالت منظمة العفو الدولية إن ترسُّخ ثقافة الإفلات من العقاب في ليبيا شجَّع ما وصفته بـ “ميليشيا جهاز دعم الاستقرار” على ارتكاب جرائم قتل واعتراض للمهاجرين واحتجازهم بشكل تعسفي.
المنظمة الحقوقية أشارت في تقرير حديث لها إلى أن جهاز دعم الاستقرار يمارس التعذيب ويفرض العمل القسري على المهاجرين غير النظاميين واللاجئين في ليبيا وهو بات اليوم متهما بارتكاب انتهاكات “مروعة” لحقوق الإنسان وجرائم مشمولة في القانون الدولي، وفق وصفها.
غنيوة والحراري.. سجل حافل من الانتهاكات
وسلطت العفو الدولية على شخصيات بعينها في تقريرها أهمها عبد الغني الككلي ونائبه السابق في جهاز الأمن المركزي أبوسليم لطفي الحراري، قائلة إن “غنيوة” هو أحد أكثر قادة المليشيات المسلحة نفوذًا في طرابلس، وهو العقل المدبر والمدير المباشر لجهاز دعم الاستقرار، لافتة إلى أنه تولّى منصبه، على الرغم من تاريخٍه الحافل بجرائم مشمولة في القانون الدولي حسب وصفها.
من جانبها، قالت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى منظمة العفو الدولية ديانا الطحاوي إن شرعنة قادة الميليشيات وتقليدهم مناصب في الدولة دون طرح لأي تساؤلات، يمكّنهم من مُواصلة سحقهم لحقوق المزيد من الأفراد، وسط حالة من الإفلات التامّ من العقاب.
ديانا الطحاوي بيّنت أنه لم يعد من المفاجئ تورّط ميليشيا عبد الغني الككلي الجديدة في جرائم شنيعة، سواء كانت بحق المهاجرين واللاجئين، بعد اعتيادها على إرهاب الليبيين في أبوسليم بطرابلس لأكثر من عقد، بممارسة الإخفاء القسري والتعذيب وتنفيذ عمليات القتل غير المشروع.
وعرّج التقرير الحقوقي على روايات أفاد بها محتجزون كانوا في قبضة لطفي الحراري وما تعرضوا له من انتهاكات لحقوقهم شملت اعتداءات جنسية وصعق بالكهرباء وإطلاق للنار عليهم وحرمانهم من تلقي العلاج.
الحراري ووفق روايات شهود للعفو الدولية رفض إطلاع أسرهم على مصيرهم أو مكان وجودهم لأشهر وأعوام في بعض الحالات، فيما لم يعرف حتى اليوم مصير بعض الأشخاص الذين اعتقلتهم قوات الأمن المركزي بين عامي 2017 و2022، على الرغم من محاولات وكيل النيابة التواصل بشكل مباشر مع الحراري بهدف الإفراج عن أحدهم.
وأفادت منظمة العفو الدولية بأنها راسلت السلطات الليبية بشأن البلاغات التي تلقتها ضد عبد الغني الككلي ونائبه السابق لطفي الحراري، مطالبة بإقالتهما من منصبيهما، منوهة إلى أنها لم تتلق أي رد من السلطات حتى اللحظة.
أوضاع مزرية للمهاجرين
أشارت منظمة العفو الدولية إلى تأكيد ممثلي وزارة الداخلية في طرابلس للمنظمة أن أفراد جهاز دعم الاستقرار يعترضون سبيل اللاجئين والمهاجرين في عرض البحر ويقتادونهم إلى مراكز احتجاز تحت سيطرة الجهاز في عمليات لا تخضع لإشراف الوزارة، مفندين وجود سند قانوني لانخراطهم في عمليات.
وقد وردت منذ سبتمبر 2021 أنباء حول ارتكاب أعمال عنف، خلال عمليات جهاز دعم الاستقرار لاعتراض اللاجئين والمهاجرين في عرض البحر، أودت بحياة أشخاص كما لا يُفصح جهاز دعم الاستقرار عن أي معلومات بشأن عدد المُحتجَزين لدى مركز احتجاز الماية، أو يتيح المجال أمام المنظمات المستقلة للوصول إلى المركز وهو مركز يعتقد أن مئات الأشخاص بينهم أطفال يُحتجَزون به وهو مُكتَظ ويفتقر إلى التهوية الكافية بحسب شهادات الناجين.
وأجرى وفد من منظمة العفو الدولية زيارة إلى ليبيا في فبراير 2022 وتمكن من لقاء 9 أشخاص أفادوا بتعرضهم لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان على أيدي عناصر جهاز دعم الاستقرار، الذي صرف له رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة مدفوعات إضافية في فبراير الماضي قدرها 132 مليون دينار ليبي.
جدير بالذكر أن هذه لسيت المرة الأولى خلال العام الجاري التي تشير فيها العفو الدولية إلى رصد انتهاكات لحقوق الإنسان في ليبيا في المنطقتين الشرقية والغربية، حيث أعلنت المنظمة الحقوقية في مارس الماضي أن قوة العمليات المشتركة نفذت عملية إعدام بحق مواطن في أحد شوارع مصراتة، وفي شهر أبريل الجاري أبلغت بقيام عناصر تابعة لجهاز الأمن الداخلي التابع لقوات حفتر باعتقال 10 مدنيين بينهم صحفي عقب تنظيمهم مظاهرة في مدينة سرت.