تعود قضية الجنسية الليبية إلى الواجهة من جديد بعد تجدد الاحتجاجات في جنوب البلاد على مقربة من حقل الشرارة النفطي أكبر الحقول التي تنتج 330 ألف برميل يوميا، للمطالبة بمنح الجنسية إلى ما يعرف بأصحاب الأرقام الإدارية والسجلات المؤقتة أو الهوية العربية وأبناء الليبيات المتزوجات من أجانب الذين يواجهون صعوبات جمّة على المستويات المعيشية والتعليم والصحة وغيرها من متطلبات الحياة التي تستلزم توفر أرقام هوية وطنية للتمتع بها.
مهلة لإصلاح ملف الجنسية أو قطاع النفط
في 27 فبراير الماضي هدد محتجون ضمن حراك ينظمه أصحاب السجلات المؤقتة يضم ضباطا وضباط صف وجنودا ومشايخ وفاعليات شبابية ومؤسسات المجتمع المدني من قبائل الطوارق بإغلاق خطوط النفط في حقل الشرارة، مؤكدين في بيان لهم منح الحكومة مهلة أسبوع لوضع حد لمعاناتهم مع قضية الجنسية والإهمال الذي يقاسونه في غياب العدالة والمساواة مع باقي الليبيين
بالمقابل أوضح عضو ملتقى الحوار السياسي حسين الأنصاري أن حراك الطوارق في أوباري يأتي احتجاجا على استمرار معاناتهم لأكثر من 40 سنة قائلا ” يعتبرون وضعهم كمواطنين من الدرجة الثانية مسجونين داخل الأرقام الإدارية”، مضيفا أن الحراك سلمي يهدف إلى لفت الأنظار إلى هذه المعاناة والضغط في اتجاه تنفيذ كافة القوانين والقرارات التي تمنحهم حقوقهم وتطوي صفحات المعاناة التي طال أمدها
الدبيبة يلتقي الطوارق
في ظل تلك الاحتجاجات التقى عبدالحميد الدبيبة رئيس وأعضاء المجلس الاجتماعي للطوارق لمتابعة الخدمات في مناطق غات وأوباري ومناقشة أوضاع أصحاب الأرقام الإدارية المسجلين لدى مصلحة الأحول المدنية، حيث شدد لهم أن قضية أصحاب الأرقام الوطنية المقيّدين لدى مصلحة الأحوال المدنية هي قضية أخلاقية ومهنية يجب معالجتها
لجنة دون نتائج
في 26 من سبتمبر من العام الماضي شكل عبدالحميد الدبيبة وفق القرار رقم 322 لسنة 2021 لجنة مركزية لدراسة طلبات الحصول على الجنسية الليبية وإثبات صحة الانتماء للأصل الليبي وأبناء الليبية المتزوجة من أجنبي ومن يستطع إثبات أصله الليبي بعد اجتماع عقده مع وزير الداخلية وبعض الأجهزة والإدارات المختصة لمناقشة الصعوبات التي تواجه تلك الفئات
انتهى الاجتماع إلى تشكيل لجنة برئاسة رئيس مصلحة الجوازات والجنسية وشؤون الأجانب، وعضوية كل من رئيس مصلحة الأحوال المدنية، ومدير إدارة الشؤون القانونية بوزارة الداخلية، وإدارة الشؤون القانونية والشكاوى بديوان مجلس الوزراء، ورئيس مكتب الشؤون القانونية بمصلحة الأحوال المدنية، ومندوب عن جهاز المخابرات الليبية، ومندوب عن جهاز الأمن الداخلي، ورئيس مكتب الجنسية وشؤون الأجانب
وبموجب القرار أعلنت الحكومة عن عزمها تشكيل لجان فرعية بالمناطق بقرارات من وزير الداخلية، حيث تتولى تلك اللجان تسلم طلبات الحصول على الجنسية الليبية وحدد أيضا مكافأة مالية شهرية لرئيس وأعضاء اللجنة المركزية والفرعية بواقع 2000 دينار تصرف من ميزانية وزارة الداخلية.
إلا أنه و على رغم من مرور سبعة أشهر على القرار لم تنشر أي نتائج لأعمال اللجنة كما كشف أحد الموظفين في الإدارة القانونية لمصلحة الأحوال المدنية في تصريحات حصرية لأبعاد الذي أوضح قائلا: ” شكلت لجان بشأن مراجعة طلبات الحصول على الجنسية إلا أنها لم تنفذ أعمالها بالشكل المطلوب حتى الآن”
شائعات حول بدء منح الجنسية.. والحكومة تنفي
المواقع الالكترونية تداولت قرارا بالبدء في منح الجنسية الليبية إلى الفئات التي حددتها الحكومة بالمراجعة في القرار رقم 322 لسنة 2021، لكن المتحدث باسم حكومة الدبيبة محمد حمودة نفى لـ أبعاد القرار مؤكدا أنه مزور وغير صحيح
ومع استمرار الاحتجاجات على مقربة من الحقول النفطية وقرب انتهاء المهلة الزمنية للمحتجين يبقى مصير عملية إنتاج النفط في المنطقة الجنوبية محفوفا بالمخاطر ومهددا بالتوقف كما يتوقع أيضا أن يطل الملف برأسه في أي استحقاق انتخابي خاصة وأن خارطة الطريق التي أقرها كل من مجلسي النواب الدولة تنص على ضرورة تنقيح السجل المدني ومراجعة السجلات لإزالة أي تزوير في الأرقام الوطنية كما تنص خارطة طريق ملتقى الحوار السياسي بوضوح على ضرورة معالجة هذه القضية قبل إجراء الانتخابات.
وترجع قضية حملة الأرقام الوطنية أو البدون إلى 5 عقود مضت يتمركز جلهم في جنوب البلاد ويقاسون مصاعب كبيرة أبرزها حق التعليم والعلاج والحصول على جوزات سفر على الرغم من انخراطهم في المؤسسات العسكرية والأمنية والخدمية وظلت قضيتهم طي الأرفف على الرغم من وعود منح الجنسية والقوانين المنظمة أهمها القانون 24 لسنة 2010 بشأن الجنسية الليبية حيث يقدر أعدادهم وفق سجلات 1981 نحو 14 ألف عائلة فيما تقدره منظمات حقوقية بنحو 40 ألف.