قال رئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة، إن عملية السداد مقابل توريد المحروقات هي عملية مقاصة وتسوية وليست عملية مقايضة.
وأفاد تقرير ديوان المحاسبة 2023 بأن الإنفاق بمقايضة النفط الخام مقابل المحروقات بلغ 41.2 مليار دينار وتمت عمليات المقايضة دون إثباتها في سجلات وزارة المالية إيرادا وإنفاقا ما تسبب في تشوه البيانات المالية للدولة.
من جهته، دعا رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي إلى تشكيل لجنة فرعية تابعة للجنة المالية العليا للإشراف على عقود تسويق النفط ومشتريات الوقود، حيث يهدف هذا الإجراء إلى تحسين الشفافية ومكافحة الفساد وضمان الإنفاق الفعال.
وأكد المنفي أن هذه الخطوة تأتي في إطار خريطة الطريق للإصلاح السياسي والمالي المعتمدة على الإدارة الفعالة لعوائد النفط، لافتا إلى أن الإصلاح المالي يشكل حزمة واحدة بدأت بحوكمة المصرف المركزي.
وفي العشرين من نوفمبر، بحث النائب العام الصديق الصور، ورئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك، ومحافظ مصرف ليبيا المركزي ناجي عيسى، ورئيس لجنة إدارة المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة مدى توافق آلية مقايضة النفط الخام مع قواعد إدارة المال العام، حيث طرحت مقترحات لمعالجة الأسباب الكامنة وراء تنامي ظاهرة تهريب الوقود، وذلك بالتعاون مع السلطتين التنفيذية.
من ناحيته، قال مدير مركز “أويا” للدراسات الاقتصادية، أحمد أبولسين، لـ “العربي الجديد” إن “أي مشروع في ليبيا يتم إخفاقه يُشكّل له لجنة، التي تخرج منها لجان أخرى دون الوصول إلى نتيجة”، موضحا أن “المشكلة تكمن في الفساد الموجود ويجب محاربته عبر الأدوات القانونية مثل الأجهزة الرقابية والمحاسبية ومعرفة تفاصيل العقود المبرمة وعمليات المقايضة”.
فيما يرى المحلل الاقتصادي عبد الهادي الأسود أن “المقايضة التي بدأت منذ عام 2021 قد حلت بشكل أساسي مشكلة أزمة المحروقات في الأسواق المحلية، حيث لم نشهد طوابير طويلة على محطات الوقود”، مؤكداً “وفرة الوقود المحلي”.
وأضاف لـ “العربي الجديد”: “يمكن للمقايضة أن تضمن تأمين احتياجات السوق المحلي من الوقود والمنتجات النفطية الأساسية مثل البنزين والديزل، خصوصاً إذا كانت الدولة تعاني من عجز في الإنتاج المحلي”.
في المقابل، قال المحلل الاقتصادي أبو بكر الهادي لـ “العربي الجديد” إن “المقايضة قد تعاني من مشاكل في الشفافية والمحاسبة، ما قد يؤدي إلى سوء إدارة أو فساد في بعض الحالات”، محذرا من “خطر تدهور العلاقات مع شركاء آخرين، حيث إذا وُقِّعَت اتفاقيات مقايضة مع دول محددة، قد تؤدي هذه الاتفاقات إلى توتر العلاقات مع دول أخرى أو هيئات دولية قد تؤثر في المصالح الاقتصادية والسياسية للدولة”.
وبلغت جملة الإيرادات النفطية غير المقيدة نحو 8.56 مليارات دولار، وتمثل قيمة شحنات صُدِّرَت خارج منظومة وزارة المالية بالمخالفة للتشريعات النافذة، مقابل توريد الاحتياج المحلي من المحروقات بحجة عدم تضمينها في الترتيبات المالية واستحالة تنفيذها وفقاً لأساس الصرف 1/12، رغم تنبيه ديوان المحاسبة على ضرورة معالجة ملف المحروقات بالطرق القانونية السليمة.
وخلال عام 2023 نفذت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا عمليات مبادلة للنفط الخام والمشتقات النفطية لتأمين توريد المحروقات من الخارج، بدلاً من سداد قيمتها من خلال بند “المحروقات” في الميزانية العامة، وقد مُنح الإذن لهذه العمليات من قبل إدارة التسويق الدولي، حيث تُقتطَع قيمة الشحنات الموردة من فواتير تصدير النفط الخام والمنتجات النفطية.
وبلغ إجمالي الكميات الموردة من المحروقات بنظام المبادلة لعام 2023 نحو 9.2 ملايين طن متري، بقيمة بلغت 8.56 مليارات دولار. وأظهرت البيانات أن الكميات الموردة من الوقود والديزل كانت الأعلى، حيث جرى توريد 4.71 ملايين طن من البنزين و4.4 ملايين طن من الديزل. وتشير تقديرات سابقة للمؤسسة الوطنية للنفط إلى أن ما بين 30 و40% من الوقود المكرر في ليبيا أو المستورد من الخارج يتعرض للسرقة أو التهريب.
مناقشة حول هذا post