رسائل تحذير متوالية أرسلها مسؤولون وسياسيون وأكاديميون، إثر إعلان الجمعية العمومية للمحكمة العليا إعادة تفعيل الدائرة الدستورية المتوقفة منذ عام 2016، وذلك للبتّ في الطعون المتراكمة لديها منذ سنوات.
فقد تطرق النقد إلى قانونية القرار، ودلالة التوقيت، والآثار القانونية والسياسية المترتبة عليه، ومدة انعكاسها على الجانب الأمني.
“الحافي يخوض معركة خاسرة”
عضو مجلس النواب عبد المنعم العرفي قال لـ أبعاد، إن تفعيل الدائرة الدستورية صدر عن المحكمة العليا بأعضائها السابقين، وهو أمر غير مقبول، لافتا إلى أنها ردة فعل من قبل المستشار محمد الحافي رئيس المحكمة تجاه مجلس النواب، مؤكدا أنها خطوة “لن تنجح”.
وأوضح العرفي أن قرار مجلس النواب بتعيين 39 مستشار بالحكمة العليا جاء بعد تزكيتهم وترشيحهم من قبل رئيس المحكمة محمد الحافي، وإحالتهم في رسالة رسمية إلى البرلمان الليبي، مشيرا إلى أن الحافي تراجع وأنكر كل هذه الإجراءات بشكل مفاجئ، وفق قوله.
وشدد النائب عبد المنعم العرفي أن المستشار الحافي يخوض معركة قانونية وسياسية خاسرة وهي قفزة في الهواء ليس أكثر من ذلك، حسب تعبيره.
ومن الجدير بالذكر هنا أن الحافي كان قد أرسل مخاطبة لرئيس مجلس النواب عقيلة صالح يطلب فيها التمديد له في رئاسة المحكمة العليا عقب تجاوزه سن التقاعد، ليرد الأخير بأن يستمر على رأس المحكمة لتسيير مهامها إلى حين تكليف رئيس جديد، وليس كرئيس رسمي لها.
“يحاولون الزج بالقضاء في الصراع”
يرى عضو مجلس النواب المبروك الخطابي أن رفع التجميد عن عمل الدائرة الدستورية بداية لفصل جديد من الأزمة، ومحاولة لإدخال القضاء كطرف رئيسٍ في الصراع على غرار ما حصل سنة 2014 حين استغل من قبل أحد الأطراف، حسب قوله.
وأضاف المبروك الخطابي، في حديث لـ أبعاد: “لا ندري كيف ستتصدى الدائرة لقرابة 90 طعنا دستوريا يمس كل الأعمال القانونية التي اتخذت خلال هذه السنوات، وهل تعلم المحكمة أن ذلك سينتج عنه صراع على الشرعية، كما أنه يزعزع مكانة مؤسسات الدولة وفوق ذلك سيضعف مكانة ومركز الدولة الليبية في أي نزاع دولي”.
ولفت النائب إلى أنه كان من الأجدر بالمحكمة أن تدرك أن عليها إجراء مواءمة تفرضها حالة الأزمة، وقبل ذلك كله أن تربط أي موقف أو قرار من قبلها بإمكانية تفعيله واحترامه، وإلا فإنه يشكل مساهمة في تغذية الأزمة “ونحن نعلم أن تجنب الضرر أولي من تحقيق المنفعة”.
“نرجو ألا يكون القرار رد فعل فقط”
عضو المجلس الأعلى للدولة نعيمة الحامي أعربت عن أملها في أن تكون الغاية من تفعيل الدائرة النظر في الطعون العاجلة للوصول إلى الاستفتاء على الدستور وإجراء الانتخابات، وليس ردة فعل على قرارات مجلس النواب بإعادة تشكيل المجلس الأعلى للقضاء وتعيين مستشارين، لافتا إلى أن هذا القرار مطلب شعبي سبق أن دعوا إليه.
تعميق للانقسام
الناطق السابق باسم المجلس الأعلى للدولة السنوسي إسماعيل قال إن إقفال الدائرة الدستورية على الرغم من مساوئه؛ فإنه حافظ على وحدة القضاء الليبي وعلى الحد الأدنى من وحدة البلاد.
إسماعيل، في تدوينة على حسابه بفيسبوك، حذر من أن تفعيل الدائرة سيهدد وحدة المؤسسة القضائية، وسيعمق الانقسام السياسي؛ فلا ضمانة لاحترام الطرفين شرقا وغربا لأي حكم قضائي يصدر من الدائرة الدستورية ضد أحدهما كما حصل في 2014.
“صب للزيت على النار”
الدبلوماسي الليبي محمد العكروت يرى أن تفعيل الدائرة الدستورية “صبّ للزيت على النار” لافتا إلى أن تاريخ الدائرة لم يكن حسنا، وظروف البلاد لم تستقر بعد، وهو السبب الذي لأجله أغلقت الدائرة فيما سبق.
وأبدى العكروت استغرابه قائلا: ” البلاد لا دستور فيها ولا قوانين، وحتى إن وجدت فلا أحد يعبؤ بها ولا ينفذ ولا يلتزم بأحكام القضاء، والدائرة ليست استثناء من ذلك، فعلى أي أسس قانونية ودستورية ستعتمد في أحكامها؟!” .
وتابع: “الدائرة ستكون بين المطرقة والسندان فلا يمكنها أن تكون عصاة الميزان ولن تستطيع”.
وأفاد العكروت أن البلاد في مخاض سياسي عبثي، والدائرة ستكون في حرج كبير لن تستطيع تحمّل تبعاته، مبينا أنه كان من الأفضل النأي بالقضاء عن هذه الوضعية السياسية العبثية، وترك الأمور تمضي في صراعها السياسي، محذرا من أن فساد القضاء لن يبقى معه خيار للبلاد سوى الانهيار التام، على حد تعبيره.
مناقشة حول هذا post