صراع كبير على المؤسسة الوطنية للنفط نشب خلال الأيام الماضية وانتهى بإعلان غير رسمي من قبل حكومة عبدالحميد الدبيبة بإقالة مصطفى صنع الله وتعيين فرحات بن قدارة ومجلس إدارة جديد لتسلم دفة قيادة صناعة النفط في البلاد وتسلم مهامه رسميا من قبل لجنة تسليم وتسلم مكلفة من قبل الدبيبة وتأمين قوات من الغرفة المشتركة مصراتة التابعة له
قبلها بيوم ومن داخل مقر مؤسسة النفط في طرابلس اتهم صنع الذي عاد من رحلة أداء مناسك الحج الدبيبة بتدبير مؤامرة لتغيير مجلس الإدارة المتماسك بعد رفض تحويل أموال إلى حكومته، كاشفا أنه قد قام بتحويل أموال بقيمة 165 مليار دينار إلى حكومته متسائلا أين تم صرفها؟
صنع الله أكد أن محاولة تغييره مدبرة وبالتوافق مع دولة الإمارات التي قال إنها تسعى إلى تمرير مشاريع وصفقات نفطية على حساب الليبيين مؤكدا أن الدبيبة هو من يدعمها ويشدد على تنفيذها لتوافقات بينه وبين الإمارات
وأوضح صنع الله أنه بصدد منح المشاريع التي تريدها الإمارات إلى شركات مصرية عاملة في القطاع النفطي أكثر قدرة وخبرة في مجالات النفط
ومن جانب آخر هاجم صنع الله التكليفات الجديدة وعلى رأسها تعيين فرحات بن قدارة رئيسا للمؤسسة مؤكدا أن لديه أدلة وإثباتات دامغة على تجاوزات مالية ضخمة حسب قوله قام بها بن قدارة إبان عمله في قطاع النفط مؤكداً أن بعضها تحت نظر النائب العام وأخرى منظورة أمام القضاء الدولي
تصريحات صنع الله أثارت الكثير من ردود الفعل في الشارع الليبي كالتساؤل عن أسباب ظهور هذه التهم الآن وليس في وقت سابق قبل عاصفة الجدل بعد تغيير مجلس الإدارة
المترشح للانتخابات الرئاسية والخبير الاقتصادي “أشرف الثلثي” قال في منشور عبر صفحته الرسمية إن “الكلمة التي ألقاها صنع الله لو كانت في دولة أخرى لزلزلت كافة أركان السلطات مضيفا أن قوت عيش الليبيين يتعرض للخطر على مرأى ومسمع العالم بأسره
تغيير الإدارة بدأت فصوله بإعلان غير رسمي عبر نشر لأوراق بتكليفات جديدة في مجلس إدارة مؤسسة النفط من بينهم عضو جرى تعيينه وكيلا عاما جديدا بوزارة النفط والغاز لكنه أعلن رفضه تقلد المنصب مبررا أن الوقت ليس مناسبا وكذلك للمحافظة على وحدة قطاع النفط وتماسكه والمحافظة على حياديته
من جهته أعرب وزير النفط والغاز محمد عون عن أسفه من خطاب مصطفى صنع الله واصفا إياه بالمقال من المؤسسة مؤكداً أن كل ما تناوله محض افتراء ومحاولة للتشويش على نزاهة قرار تكليف مجلس جديد لمؤسسة النفط
وشدد عون على أن تكليف مجلس إدارة جديدة للمؤسسة تم بطريقة قانونية كاملة صادر عن مجلس وزراء الدبيبة وأنه لا مجال إلا لتنفيذ القرار
المكلف من قبل الدبيبة بإدارة مؤسسة النفط فرحات بن قدارة أكد في المؤتمر الصحفي عقب تسلمه الرئاسة دون حضور رئيس مؤسسة النفط المحافظة على قطاع النفط وصون الاتفاقيات المعقودة مع الأطراف الدولية والشركاء الأجانب في القطاع النفطي، مشددا على نفي ما اتهمه به صنع الله من سوء إدارة وتجاوزات مالية في القطاع النفطي
من جهته طالب رئيس مجلس الدولة خالد المشري حكومة الدبيبة بسحب قرارها حول إقالة صنع الله خوفًا من تفكك المؤسسة وانقسامها وهو ما سيعود بكارثة حقيقية على الاقتصاد الوطني ويزيد من معاناة البلاد
وبالحديث عن القطاع النفطي فقد أعلنت أكبر الشركات النفطية في ليبيا والمنطقة الشرقية هما شركتا الواحة والخليج العربي ترحيبهما بتعيين مجلس الإدارة الجديد برئاسة فرحات بن قدارة
وفي المقابل أكدت عدة أطراف محلية في منطقة الهلال النفطي بالمنطقة الشرقية وحوض مرزق بالجنوب الليبي والمسؤولة عن إغلاقات النفط كما تسمي نفسها ترحيبها بإعلان تغيير مجلس الإدارة وبحث إمكانية استئناف تصدير النفط من جديد
المواقف الدولية
بادرت سفارة الولايات المتحدة الأمريكية إلى نشر بيان بخصوص الواقعة الأخيرة حيث أكد المبعوث الأمريكي إلى ليبيا ريتشارد نورلاند قلقه من التطورات المحيطة بالمؤسسة الوطنية للنفط والتي ظلت مستقلة سياسيا بقيادة مصطفى صنع الله متسائلا متى سيدرك القادة الليبيون أن التطورات الحاصلة تظهر الحاجة الملحة إلى التوصل إلى حل وسط والاستعداد للمصالحة والانتخابات؟
وأضاف نورلاند أنه يجوز الطعن في قرار استبدال مجلس إدارة مؤسسة النفط في المحكمة ولكن يجب ألا يصبح الموضوع مواجهة مسلحة
فيما علقت السفارة البريطانية مؤكدة على بيان نظيرتها الأمريكية مبدية قلقها بشأن الوضع في مؤسسة النفط مطالبة بحماية واحترام استقلالية وسلامة المؤسسة
مخاوف من تأثير الأوضاع السياسية على قطاع النفط الليبي في الوقت الذي تسعى فيه المجموعة الاقتصادية الدولية وفق إطار اتفاق برلين إلى تمرير قرار بفرض رقابة على عائدات النفط الليبية الذي يلاقي رفضا موسعا في البلاد