تكثر التساؤلات اليوم حول حقيقة المحاولات الجارية لفتح السجل العقاري في ليبيا المغلق من قبل المجلس الانتقالي عام 2011 حفاظا على المال الليبي، وهو ما يمثل مخاوف حقيقية في ظل فوضى السلاح التي تعيشها البلاد منذ أكثر من عقد من الزمان؛ فما مدى حقيقة الأمر؟ ومن وراءه؟ وما هي الأهداف؟
يعود إغلاق مصلحة السجل العقاري إلى العام 2011، أي قبل أكثر من 10 سنوات مضت، بقرار من المجلس الانتقالي الذي تولى السلطة في البلاد في أعقاب سقوط النظام السابق.
واتخذ المجلس الانتقالي القرار بعد انتشار السلاح، وكثرة التنازع حول ملكية العقارات، لاسيما المملوكة لأفراد من نظام القذافي، أو المخصصة، أو تلك التي استولى عليها ساكنوها بالقانون الشهير قبيل صورة فبراير، والمعروف بالقانون رقم “4”.
ولأجل الأسباب المذكورة وغيرها، وحفاظا على ممتلكات الليبيين من الضياع، وحرصا على مخاوف المواطنين من فقدان ممتلكاتهم نتيجة للتلاعب بالسجل، قرر المجلس الانتقالي إغلاقه، ولم يفتح منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا.
ويرى متابعون للشأن الليبي أنه يُحسب للقائمين على المصلحة حفاظهم على حياديتها، وابتعادها عن النزاعات السياسية والعسكرية، والنأي بها عن أي تجاذبات، إضافة إلى تجنيبها التصادم مع أي طرف كان، وهو ما يُعد نجاحا كبيرا مقارنة بالفوضى الأمنية التي تعيشها ليبيا منذ سنوات.
للدبيبة رأي آخر!
يبدو أن لعبد الحميد الدبيبة رأيا آخر في المسألة، فقد أقال فرج المحمودي من منصبه كرئيس لمصلحة السجل العقاري، وكلف رضوان السني رئيسا للمصلحة.
عضو المجلس الأعلى للدولة نعيمة الحامي قالت، في تصريح صحي، إن هذا القرار من قبل الدبيبة جاء بعد رفض المحمودي فتح السجل إلا بقانون يلغي القرار الأول الصادر عن المجلس الانتقالي والقاضي بقفله.
تحذيرات من تبعات فتح السجل
عضو مجلس النواب المبروك الخطابي رجح، في حديث لـ أبعاد، أن قرار تسمية مدير جديد لمصلحة التسجيل العقاري يمهد لفتحها، وهو “ما نخشاه ويثير مخاوفنا في ظل الظروف التي تمر بها البلاد”.
الخطابي ذكر أن قرار الإقفال اتخذه المجلس الانتقالي السابق كونه السلطة التشريعية، وقرار فتحه يتطلب قرارا من مجلس النواب كونه السلطة التشريعية حاليا.
وحذر من أن أي قرار يصدر عن حكومة الدبيبة بشأن إعادة فتح السجل العقاري سيكون من الناحية القانونية باطلا بطلانا مطلقا؛ كونه يفتقد أهم ركن في القرار الإداري ألا وهو ركن الاختصاص.
واختتم الخطابي حديثه لـ أبعاد قائلا: ” في ظل انتهاج سياسية فرض الأمر الواقع كل شئ أصبح متوقعا وهذا غير مستغرب!”.
النائب الصادق الكحيلي علق لـ أبعاد على الأمر، قائلا إن فتح السجل العقاري “جريمة أخرى يرتكبها عبد الحميد الدبيبة”.
وأكد الكحيلي أن فتح مصلحة التسجيل العقاري بشكل قانوني يتطلب قرارا تشريعيا يصدر عن مجلس النواب، وفق قوله.
هل لمبادرة “الإقراض السكني” علاقة؟
أثار هذا التساؤل عضو مجلس الدولة نعيمة الحامي، في تصريحها لشبكة لام، حيث اتهمت الدبيبة بإقالة رئيس السجل العقاري فرج المحمودي لأنه رفض فتح المنظومة أمام الدبيبة لتنفيذ وعوده بإعطاء القروض والأراضي للشباب.
في ذات السياق، تحدث الخبير المالي سليمان الشحومي لـ أبعاد عن المشاكل والمصاعب التي ستواجه حكومة الدبيبة للإقراض، مبينا أن على رأسها توقف السجل العقاري عن قيد عمليات البيع والشراء، معتبرا أن هذا الأمر “عائق كبير جدا”.
وبدأت هذه العوائق مع مصرف الادخار الذي أسند إليه الدبيبة مهمة الإقراض، فقد كشف مصدر من المصرف لـ أبعاد أنهم يواجهون مشكلة مع السجل العقاري تتعلق بالمشاريع السكنية تعيق البدء في تنفيذ خطة حكومة الدبيبة.
وأفاد المصدر ذاته أن المصرف أبلغ الحكومة أنه يستطيع استقبال الطلبات ولكن دون تسليم صكوك حتى تحل مشكلته.
ليُفتح الباب أمام تساؤلات عديدة، من بينها: هل ما يسعى إليه الدبيبة فقط منح القروض للشباب أم أن أهدافه أبعد من ذلك بكثير؟ وعلى فرض أن هذا هو الهدف، فهل يملك القدرة للحفاظ على السجل العقاري الذي يعد الحصن الأول لممتلكات المواطنين في ظل ما تشهده العاصمة من توتر وتصعيد ما يلبث أن يهدأ حتى يعود من جديد؟
مناقشة حول هذا post