ثلاثة تقارير حقوقية ترسم صورة قاتمة عن وضعية حقوق الإنسان في ليبيا، وضعية مزرية تجسد حالة الانفلات الأمني والتصادم العسكري في ليبيا تزكيه وجود مؤسسات أمنية منفلتة وسط وجود مرتزقة ومقاتلين أجانب في غياب أي متابعة أو مساءلة.
تقرير أمريكي..الحكومة في طرابلس تمول التشكيلات المسلحة
وثق تقرير حقوقي أمريكي انتهاكات حقوقية وقيودا على حرية التعبير وإخفاء قسريا، ورقابة على محتوى الإنترنت، وتجاوزات في السجون ومراكز الاحتجاز وسط إرادة سياسية محدودة لمحاسبة الجناة.
وقال التقرير السنوي لمكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل التابع لوزارة الخارجية الأميركية للعام 2022، إن حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة حافظت على “نفوذ محدود” خارج طرابلس ومناطق بالشمال الغربي، في حين حافظت قوات القيادة العامة على سيطرة فعلية كبيرة في الشرق والجنوب.
أمنيا، ووفق التقرير حافظت حكومة الدبيبة على سيطرة محدودة على قوات الأمن، التي تتكون من مزيج من الوحدات شبه المنتظمة والمتكاملة اسميًا، والجماعات المسلحة القبلية، والمتطوعين المدنيين، معتبرا أن السلطات المدنية كانت لها سيطرة اسمية فقط على الشرطة وجهاز الأمن، كون أن عمل الشرطة يقع عموما على عاتق الجماعات المسلحة، التي ظلت، على الأقل، مستقلة جزئيًا عن سلطة الدولة، رغم أنها تخضع رسميا للمؤسسات الأمنية.
ولفت التقرير إلى أن معظم الجماعات المسلحة المدمجة اسميًا استكملت تمويلها الحكومي بعائدات من أنشطة مشروعة وغير مشروعة، مشيرا إلى ورود تقارير تفيد بأن عناصر من قوات الأمن متحالفة مع كل من حكومة الدبيبة والقيادة العامة ارتكبوا انتهاكات.
حقوقيا، أوضح التقرير أنه من بين المشاكل المهمة في مجال حقوق الإنسان، تقارير موثوقة عن القتل غير القانوني أو التعسفي، والإخفاء القسري، والتعذيب وغيرها من الانتهاكات الجسدية التي ترتكبها الجماعات المسلحة.
وتحدث التقرير أيضا عن الظروف القاسية والمهددة للحياة في السجون ومرافق الاحتجاز، فضلا عن الاعتقال أو الاحتجاز التعسفي، وما وصفها بالمشاكل الخطيرة مع استقلال القضاء، والتدخل التعسفي، والانتهاكات الجسيمة في النزاع.
فيما يخص حرية التعبير، أشار التقرير إلى فرض قيود خطيرة على حرية التعبير ووسائل الإعلام، بما في ذلك العنف ضد الصحفيين وإنفاذ قوانين التشهير الجنائية أو التهديد بإنفاذها للحد من التعبير، والتدخل في حرية تكوين الجمعيات والتجمع السلمي، والإعادة القسرية للاجئين وطالبي اللجوء إلى بلد قد يواجهون فيه التعذيب أو الاضطهاد.
وأشار التقرير إلى فساد حكومي خطير، والافتقار إلى التحقيق والمساءلة، كون أن الانقسامات بين المؤسسات التابعة لحكومة الدبيبة وتلك التابعة للقيادة العامة، والفراغ الأمني في الجنوب، ووجود الجماعات الإجرامية في جميع أنحاء البلاد، وضعف الحكومة، كلها أدت إلى إعاقة التحقيق والملاحقة القضائية للانتهاكات.
وعن دور الحكومة في الحد من الانتهاكات، نوه التقرير باتخاذ خطوات محدودة للتحقيق والملاحقة ومعاقبة المسؤولين الذين ارتكبوا انتهاكات لحقوق الإنسان كون أن محدودية مواردها، فضلا عن “إرادتها السياسية المحدودة”، قللت من قدرتها واستعدادها لملاحقة الجناة ومعاقبتهم.
وحمل التقرير وزارتي الداخلية والعدل ومكتب النائب العام مسؤولية التحقيق في مثل هذه الانتهاكات ومتابعة الملاحقات القضائية، لكنها “إما لم تكن قادرة أو غير راغبة في القيام بذلك في معظم الحالات بسبب الموارد الشديدة أو القيود السياسية.
وعن استشراء الفساد، لفت التقرير إلى انعدام الشفافية في إدارة الحكومة لقوات الأمن وعائدات النفط والاقتصاد الوطني، حيث “كانت هناك مزاعم بأن المسؤولين الحكوميين أساءوا في بعض الأحيان استخدام نظام خطاب الاعتماد للوصول إلى الأموال الحكومية”.
بعثة تقصي الحقائق..الحكومة في طرابلس منعتنا من زيارة السجون
بدورها، البعثة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا سلطت، في تقريرها النهائي الذي جمعت فيه أكثر من 2800 عنصر من المعلومات، الضوء على تجاوزات جسيمة للحكومة في طرابلس، وقيادة خليفة حفتر في الشرق.
تقرير البعثة أكد رفض حكومة الدبيبة والوزارات التابعة لها طلبها زيارة السجون وأماكن الحرمان من الحرية.
وذكرت بعثة التقصي الحقائق في تقريرها أنها تمكنت من توثيق اختطاف 3 رجال واعتقالهم التعسفي في سجن قرنادة الخاضع لسيطرة قيادة خليفة حفتر.
واستطردت البعثة قائلة: “حكومة الدبيبة رفضت منحنا إذن الخروج من طرابلس نحو الجنوب وبالتزامن رفضت قيادة خليفة حفتر منحنا إذنا بزيارة مدينة سبها”.
وكشف التقرير عن قيام المجموعات المسلحة الموالية للحكومة في طرابلس وقيادة خليفة حفتر باعتقال أشخاص بسبب آرائهم السياسية أو انتقادهم الدولة والمسلحين.
وأضاف التقرير أن الجماعات المسلحة الحكومية كجهاز الردع والأمن الداخلي وجهاز دعم الاستقرار وقيادة خليفة حفتر شاركوا مرارا وتكرارا في الانتهاكات والتجاوزات، وهو ما يشكل مصدر قلق.
العفو الدولية.. إجراء محاكمات داخل قاعدة معيتيقة
من جانبها، قالت منظمة العفو الدولية، إنه جرى القبض على عشرات الأشخاص في ليبيا بسبب انتمائهم القبلي أو السياسي أو انتقادهم للجماعات المسلحة.
وأفادت منظمة العفو الدولية في تقرير لها، بتعرض محامين للاختطاف والترهيب في شرق ليبيا يدافعون عن مدنيين يمثلون في محاكم عسكرية.
ولفتت منظمة العفو الدولية إلى إجراء محاكمات داخل قاعدة معيتيقة التي يسيطر عليها جهاز الردع وسط مخاوف من القضاة والمحامين بالتعرض للأعمال الانتقامية.
ووثقت المنظمة الحقوقية، عمليات اختطاف وتعذيب ارتكبها جهاز الردع وجهاز دعم الاستقرار وجهاز الأمن الداخلي طرابلس وقوة العمليات المشتركة مصراتة وكتيبة طارق بن زياد والكتيبة 128 والأمن الداخلي بنغازي.
وتابعت منظمة العفو الدولية أن المجموعات المسلحة تجاهلت قرارا صدر عن وزارة الداخلية بطرابلس يحظر نشر اعترافات أدلى بها محتجزون على مواقع التواصل، مشيرة إلى استخدام مجموعات مسلحة في سبها وسرت وبنغازي ومصراتة والبيضاء وطرابلس القوة غير المشروعة في تفريق تظاهرات سلمية
وقالت منظمة العفو الدولية إن السلطات الليبية لم تتخذ أي خطوات لمحاسبة أفراد قوة العمليات المشتركة عن واقعة إعدام الطيب الشراري بل واصلت تقديم الدعم لها
وبخصوص الهجرة غير النظامية، أفادت منظمة العفو الدولية بقيام جماعة مسلحة تخضع لقيادة خليفة حفتر بإبعاد آلاف المهاجرين نحو مصر والسودان وتشاد والنيجر بإجبارهم على ركوب الشاحنات بدون اتباع أية إجراءات
وأضافت منظمة العفو الدولية أنها أبلغت مسؤولين في جهاز مكافحة الهجرة بإغلاق جميع مراكز الاحتجاز وهو مالم يحدث وظلت تديرها المجموعات المسلحة من بينها مركز المباني سيء السمعة الذي يسيطر عليه جهاز الأمن العام التابع لوزير الداخلية عماد الطرابلسي.
مناقشة حول هذا post