رغم وجود مساع حثيثة لمفاوضات سياسية بين مجلس النواب ومجلس الدولة والمجلس الرئاسي وقرب توجههم لجولة أخرى بالقاهرة، هناك رأي آخر من المفوضية الوطنية العليا للانتخابات ومراقبين استبعدوا بشكل متكرر إمكانية عقد أي انتخابات على المدى القريب.
السبت الماضي، أكد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح أن جولة جديدة من المشاورات بين رؤساء المجالس الثلاثة في البلاد ستعقد قريباً بجامعة الدول العربية في القاهرة.
وقال صالح في كلمة ألقاها، عقب منحه وسام التميز العربي، على هامش مؤتمر البرلمان العربي بمقر الجامعة العربية بالقاهرة، إنه متفائل بمستقبل الأوضاع في ليبيا في ظل سعي الجميع إلى الخروج من النفق المظلم وصولاً إلى الانتخابات بالبلاد، لافتا إلى أن الجولة السابقة من المشاورات مع رئيسي المجلس الرئاسي والمجلس الأعلى للدولة توصلت إلى نتائج ملموسة، حيث جرى الاتفاق على توحيد المناصب السيادية في ليبيا، بما يضمن تفعيل دورها المنوط بها على مستوى الدولة، فضلاً عن التوافق على تشكيل حكومة موحدة، والتأكيد على سيادة ليبيا واستقرارها.
في مارس من العام الجاري، كان بيان ثلاثي عقب اجتماع الأطراف قد أعلن التوصل إلى اتفاق بتشكيل حكومة موحدة تقود لإجراء الانتخابات وتُقدم الخدمات الضرورية للمواطن كذلك رفض أي تدخل أجنبي في شؤونها.
كما اتفق المجتمعون في القاهرة على تشكيل لجنة فنية بمرجعية الاتفاق السياسي وملاحقه خلال فترة زمنية محددة للنظر في التعديلات المناسبة لتوسيع قاعدة التوافق والقبول بالعمل المنجز من لجنة 6+6 وحسم الأمور العالقة حيال النقاط الخلافية.
وكان رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، قال إن اجتماع الجامعة العربية أظهر الإجماع على ضرورة تشكيل الحكومة الليبية لإجراء الانتخابات.
وأفاد عقيلة في حوار صحفي بأن اجتماع الأمين العام للجامعة العربية مع الأطراف الليبية لبحث تطورات الأزمة الليبية الشهر الماضي أعطى دفعة للعملية السياسية في ليبيا، مردفا أن الجامعة العربية تأخرت في ذلك الأمر وكان لابد من البداية أن تضع يدها في القضية الليبية.
وأوضح عقيلة أن الاجتماع أكد على العديد من النقاط التوافقية وأبرزها سيادة ليبيا واستقلالها ووحدة أراضيها ورفض أي تدخلات خارجية سلبية في العملية السياسية الليبية بمرجعية الاتفاق السياسي، وعلى ملاحقة تشكل لجنة فنية خلال فترة زمنية محددة للنظر في التعديلات المناسبة لتوسيع قاعدة التوافق والقبول بمنجز لجنة (6+6) وحسم الأمور العالقة حيال النقاط الخلافية حسب التشريعات النافذة.
بالمقابل، قال رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عماد السايح، إن أصحاب المصلحة المعنيين بالأزمة السياسية الليبية الحالية، بما في ذلك المجتمع الدولي، بقيادة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، يعتبرون الانتخابات هدفا وليس أداة.
وأفاد السايح في حوار مع المجلس الأطلسي، بأن الجميع يعلم أن الانتخابات هي أداة للانتقال السلمي للسلطة، مما يستلزم تنفيذها في بيئة سياسية توافقية وإطار ثقافي يعزز الحد الأدنى من الأمن والاستقرار، لافتا إلى أن هذه الشروط غائبة حاليا في الأراضي السياسية الليبية.
وتابع رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، أن البيئة السياسية الليبية معادية للمبادئ الديمقراطية، وخاصة الانتخابات، مشيرا إلى أن الظاهرة يمكن أن تعزى إلى بعض العوامل التي أنتجت نتائج سلبية وشكلت البيئة على مدى السنوات الاثنتي عشرة الماضية، ومن أبرز هذه العوامل غياب ثقافة الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة داخل المجتمع الليبي، وعدم وجود دستور لتنظيم عملية نقل السلطة والتدخل الأجنبي السلبي.
وتابع أنه بسبب عدم وجود دستور دائم يضع القواعد التشريعية الأولية للعملية الانتخابية في ليبيا، لم تقبل الأحزاب السياسية المعنية بالأزمة مواد وأحكاما محددة، لا سيما تلك المتعلقة بمؤهلات المرشحين والنظام الانتخابية.
ولفت السايح إلى أنه لم يكن لدى بعثة الأمم المتحدة أي رؤية إستراتيجية لنقل الدولة الليبية من المرحلة الانتقالية إلى مرحلة الاستقرار الدائم، حيث تبنى كل مبعوث أممي رؤية مختلفة لحل الأزمة السياسية بناء على قناعاته وتصوراته، والتي ستتأثر بلا شك بسلوكه الشخصي من جهة، وبالوقائع السياسية الثابتة والمتغيرة على الساحتين المحلية والخارجية.
وزاد أن القضية المركزية في الأزمة الليبية هي البعد السياسي، الذي هو مصدرها الأساسي ولا يمكن تجاهله، وتتطلب معالجة جوانب أخرى، مثل المخاوف الاقتصادية أو الأمنية، حل سياسي ينتج عنه سلطة منتخبة تمتلك الشرعية اللازمة لإدارة الأزمات الأخرى بفعالية بشفافية وإعطاء الأولوية للمصالح الوطنية قبل كل شيء آخر.
وقبل أيام، قال رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا المستقيل، عبدالله باتيلي، إنه لا يمكن التوصل إلى حل في ليبيا طالما استمر اللاعبون الرئيسيون في البلاد يحتكرون العملية السياسية، مضيفاً أن القادة الليبيين خلال المراحل الانتقالية الماضية استمروا في التنافس ولم يكونوا مهتمين فعلياً باستقرار البلاد.
مناقشة حول هذا post