على الرغم من اقتراب العام 2022 على المغادرة، فإن تقرير ديوان المحاسبة لسنة 2021 لا يزال محجوبا عن أنظار الليبيين، الذين يتساءلون عن أسباب ذلك.
هل الأمر معتاد؟
يمكن القول بأن الإجابة هي: لا، فديوان المحاسبة، خلال السنوات الماضية، دأب على إصدار تقريره السنوي الذي يتناول سياسات وأداء مختلف قطاعات الدولة، إلى جانب أوضاعها المالية، بشكل دوري لا يتجاوز الشهر من نهاية العام، باستثناء العام 2020 الذي شهد أحداثا استثنائية، ما يجعل من تأخره لقرابة 9 أشهر أمرا مثيرا للتساؤل.
والأمر الذي يثير تساؤل عدد من متابعي المشهد أن هذا التأخير في إصدار التقرير يأتي في مقابل إنفاق أضخم ميزانية في تاريخ الدولة الليبية خلال هذا العام، والتي باشر الدبيبة صرفها دون اعتمادها من قبل مجلس النواب، مدعيا أنها بناء على قانون 1/12، وهو ما يؤكد أهمية إصدار التقرير للاطلاع على تفاصيل المصروفات الحكومية.
ما الذي سيكشف عنه التقرير؟
مصدر من ديوان المحاسبة الليبي كشف لعدد من وسائل الإعلام المحلية عن جاهزية التقرير منذ أبريل الماضي، لافتا إلى أنه يميط اللثام عن حجم الفساد الهائل الذي شهده إنفاق حكومة الدبيبة، والتجاوزات الكبيرة للقوانين المالية للدولة والصرف بالمخالفة.
وقال المصدر ذاته، إن إنفاق حكومة الدبيبة وصل في بعض الحالات إلى الجريمة في حق المال العام بالإهدار واستغلال المنصب والسلطة، فلماذا يُحجب إذن؟!
شكشك والدبيبة
منذ تولي الدبيبة زمام السلطة في ليبيا كان لرئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك وجود قريب منه، ما دفع الكثيرين للتساؤل حول طبيعة العلاقة بين الدبيبة والرجل الذي يمثل السلطة الرقابية، وهل لهذا دور في تأخر صدور تقرير الديوان عن السنة 2021؟
اليعقوبي تعلق
عضو ملتقى الحوار السيدة اليعقوبي قالت، في تغريدة على تويتر، إن تقرير ديوان المحاسبة للعام 2021 سيكون الأسوأ؛ لما يحمله في طياته من كوارث، وهو ما سيكون الفيصل والدليل والبرهان على الفساد المهول، والتجاوزات القانونية والمالية لحكومة الدبيبة.
وذكرت اليعقوبي أن هناك أسبابا لتأخر صدور التقرير، وأهمها هو تسييس رئيس الديوان خالد شكشك للتقرير، وتهيئة الوقت المناسب؛ ليحصد به مكاسب سياسية له؛ لذبح خصومه من الخارجين من “طريق السكة” أو الإطاحة بهم، وكسب شعبوية الإعلان، وتسويق المادة إعلاميا ليظهر للشعب بأنه “حامي الحمى”.
واشنطن: الجهاز الأعلى للرقابة لم يستوف معايير الاستقلالية
ليست هذه التساؤلات حكرا على الليبيين فحسب، بل تشاطرهم في ذلك وزارة الخارجية الأمريكية التي ذكرت أن حكومة الدبيبة لم تتح للجمهور إمكانية الاطلاع على تقارير التدقيق لمؤسسات الدولة الكبيرة أو المعلومات المتعلقة بالنفقات لدعم المكاتب التنفيذية.
وأكدت خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، في تقريرها عن الشفافية المالية لعام 2022 في ليبيا، أن الأخيرة لم تستخدم بعد مبادئ المحاسبة المقبولة دوليًا بشكل كامل وأن الجهاز الأعلى للرقابة لم يستوف معايير الاستقلالية الدولية.
وتُعد هذه إشارة واضحة إلى وجود موانع تقف حائلا دون إمكانية تحقيق الأجهزة الرقابية الاستقلالية التامة في عملها، خلال ولاية حكومة الدبيبة التي صنعت حاجزا أمام كل من يحاول معرفة تفاصيل مصروفاتها التي تُعد الأضخم في التاريخ الليبي.
الديوان يرضخ للضغوط
ولكل المطالبات، والتساؤلات، والاتهامات التي وجهها مواطنون وساسة بالتواطؤ مع الحكومة منتهية الولاية، أعلن ديوان المحاسبة أخيرا أنه سيصدر، قريبا، تقريره العام لسنة 2021، فما الحقائق التي سيكشف عنها؟ وهل تأخر التقرير لأسباب فنية خلافا للسنوات الماضية، أم أن “وراء الأكمة ما وراءها”؟.
مناقشة حول هذا post