قالت النيابة العامة، إن محكمة استئناف طرابلس قضت بحبس 6 موظفين من مصرف الجمهورية فرع القادسية على خلفية قضية الاستيلاء على أموال عامة تخص المصرف.
أفادت النيابة العامة بأن محكمة استئناف طرابلس حكمت بسجن أحد الموظفين 7سنوات بعد إدانته بالاستيلاء على أكثر من 8 ملايين دينار مع إلزامه برد المبلغ وتغريمه ضعفه وحرمانه من حقوقه المدنية طوال مدة تنفيذ العقوبة وسنة بعدها كما قضت بحبس متهم آخر سنة واحدة لتورطه في تزوير مستندات أسهمت في ارتكاب الجريمة.
وأضافت النيابة العامة أن المحكمة قررت حبس 4 موظفين آخرين سنة واحدة مع إيقاف تنفيذ العقوبة لمدة خمس سنوات بسبب الإهمال الذي مكن من وقوع فعل الاستيلاء على الأموال.
ويرى خبراء مال أن هذه القضايا تعكس خللاً هيكلياً في أنظمة الرقابة والمراجعة الداخلية. ويقول المحلل الاقتصادي محمد الشيباني إن “الاعتماد على الإجراءات الورقية التقليدية وضعف الربط الإلكتروني بين الفروع سمح بتمرير مخالفات على مدى سنوات دون اكتشافها في الوقت المناسب”.
وأضاف الشيباني لـ”العربي الجديد” أن “تكرار حوادث الاختلاس في مصارف عامة يهدد ثقة المواطنين في الجهاز المصرفي، ويفرض على السلطات النقدية إعادة تقييم منظومة الحوكمة والإشراف”.
أما الخبير القانوني ميلاد الورفلي، فيعتبر أن “إحالة هذه الملفات إلى القضاء تمثل خطوة إيجابية في اتجاه المساءلة، لكنها لا تكفي ما لم تتبعها إصلاحات إدارية وتشريعية تضمن الشفافية وتمنع تضارب المصالح داخل المؤسسات المالية”، ويؤكد لـ”العربي الجديد” أن ما جرى في مصرف الجمهورية ليس حادثاً معزولاً، بل يعكس ظاهرة اتساع فجوة الرقابة والمحاسبة في المؤسسات العامة، في ظل تراجع منظومات التدقيق الداخلي، وتنامي الضغوط الاقتصادية التي تُغري بعض الموظفين باستغلال الثغرات الإدارية والمالية.
من جانبه، علّق الخبير المصرفي محمد أبوسنينة على القضايا الأخيرة المتعلقة بجرائم الاختلاس داخل القطاع المصرفي، قائلاً إن “القطاع المصرفي الليبي لم يكن يعرف هذا المستوى من الفساد من قبل، وإن وُجد فكان في أضيق نطاق ولا يُتهاون معه”، مشيراً إلى أن تنامي الظاهرة مؤخراً يعود إلى جملة من العوامل الهيكلية والرقابية.
وأوضح أبوسنينة لـ”العربي الجديد” أن من أبرز أسباب تصاعد الفساد المالي في المصارف الليبية، ضعف أنظمة الرقابة الداخلية وانحرافها عن أهدافها الأصلية، إلى جانب تراجع ثقافة الامتثال داخل المؤسسات المصرفية، ما أضعف قدرتها على رصد التجاوزات قبل وقوعها.
وأضاف أن البيئة المصرفية الحالية “تشهد تراجعاً في إجراءات الرقابة الاحترازية وضعفاً في مناخ العمل العام”، الأمر الذي هيَّأ، بحسب قوله، “ظروفاً مواتية لارتكاب المخالفات دون رادع كافٍ”.
وفي تفسيره الاقتصادي للظاهرة، أشار أبوسنينة إلى أن العائد من ارتكاب الجرائم المصرفية بات في نظر بعض المتورطين “أكبر من التكلفة”، قائلاً إن “المبلغ المختلَس وفرصة الاستفادة منه يفوقان العقوبة المحتملة، وهو ما يجعل الجريمة في نظر الجاني صفقة رابحة لا مخاطرة فيها”.
كما لفت أبوسنينة إلى أن معايير اختيار وتعيين الموظفين في المصارف تراجعت مقارنة بالماضي، موضحاً أنه “كان يُجرى سابقاً بحث اجتماعي للتأكد من نزاهة المتقدم وملاءمته للعمل المصرفي، أما اليوم فقد تراجعت هذه المعايير أو اختفت تماماً”.



مناقشة حول هذا post