أثار إعلان مصرف ليبيا المركزي عن طباعة 60 مليار دينار جدلاً واسعاً بين الخبراء الاقتصاديين، بين من يرى في الخطوة حلاً مؤقتاً لأزمة السيولة الخانقة، ومن يحذر من تداعياتها على استقرار العملة الوطنية وزيادة الضغوط التضخمية.
وقالت ثلاثة مصادر مسؤولة في المصرف لـ”العربي الجديد” إن خطة الطباعة تهدف إلى معالجة أزمة السيولة وضمان استقرار الدينار، موضحة أن ضخ الأموال سيتم تدريجياً وبشكل مدروس للحفاظ على توازن عرض النقود.
وأوضح المصرف في بيان رسمي أنه استلم نحو 25 مليار دينار، جرى توزيعها على المصارف، ويتوقع توريد 14 مليار دينار إضافية قبل نهاية العام، على أن تُستكمل الـ21 مليار المتبقية خلال عام 2026
جدل اقتصادي.. دعم مؤقت أم خطر تضخمي؟
يرى فريق من الخبراء أن طباعة العملة قد تسهم في التخفيف من أزمة السيولة وتوفير الأموال اللازمة للرواتب والنفقات الحكومية، خصوصاً إذا تمت في إطار خطة واضحة ومتوازنة.
في المقابل، حذر خبراء آخرون من أن زيادة المعروض النقدي دون غطاء إنتاجي أو احتياطي كافٍ قد يفاقم التضخم ويؤدي إلى تدهور قيمة الدينار، مؤكدين أن البدائل مثل الاقتراض الداخلي أو الخارجي أكثر أماناً لتغطية العجز المالي.
في السياق، قال مدير مركز “أويا” للدراسات الاقتصادية أحمد أبولسين، في حديث خاص مع “العربي الجديد”، إن “سحب العملة القديمة ثم ضخ نفس القيمة في السوق لا يمثل حلاً فعلياً”، مشدداً على ضرورة تقليص الكتلة النقدية لتتناسب مع حجم الإنتاج والطلب.
وأضاف أحمد أبولسين، أن الإصدار النقدي يجب أن يُبنى على أربعة محددات أساسية تمثل القوة الاقتصادية، أي حجم السلع والخدمات المنتجة، القدرة الشرائية التي تعكس الطلب الكلي، معدلات التضخم ومدى توافق الإصدار مع الأسعار السائدة، والتوسع في الدفع الإلكتروني لتقليل الاعتماد على النقد الورقي.
بدوره، أوضح المحلل الاقتصادي صبري ضوء في حديث خاص مع “العربي الجديد”، أن ليبيا تعاني أزمة سيولة حادة بعد سحب نحو 47 مليار دينار من السوق، بينها 10 مليارات دينار غير معلومة المصدر.
وقال إن صرف رواتب الموظفين يحتاج شهرياً إلى نحو 5.3 مليارات دينار، في حين لا يوفر المصرف المركزي سوى نحو ملياري دينار للمصارف، ما يدفع المواطنين إلى الاعتماد على “الكاش” لتلبية احتياجاتهم اليومية.
طوابير طويلة أمام المصارف
تتزامن هذه الخطوة مع مشاهد متكررة لطوابير المواطنين أمام المصارف التجارية في طرابلس وبنغازي وغيرها، حيث حددت البنوك سقف السحب الشهري عبر أجهزة الصراف الآلي بألف دينار وبألفي دينار إضافية عبر الصكوك، مع فرض رسوم خدمة تصل إلى 1%. وأدى ذلك إلى انتشار ظاهرة شراء الدولار بالصكوك ثم بيعه نقداً للحصول على السيولة المحلية.
مناقشة حول هذا post