قال رئيس الحزب الديمقراطي محمد صوان، إن البنك المركزي انحرف عن دوره المهني بسيطرته على المؤسسة المالية الكبرى في البلاد طوال السنوات السابقة، بسبب ضعف وهشاشة الحكومات المتعاقبة، وهو ما مكّنه من لعب دور أكبر من دوره الحقيقي، حتى أصبح هو حاكم ليبيا الفعلي، وهيمن على صلاحيات واسعة.
الجهود الأممية
صوان في مقابلته الخاصة مع “عربي21″، أوضح أن البعثة الأممية تبذل جهودها لإيجاد حل للأزمة، ولكن البعثة هي انعكاس لإرادة المجتمع الدولي، وخاصة الأطراف الفاعلة والمتداخلة في المشهد الليبي، وما دامت هذه الأطراف غير متفقة، بل مصالحها متضاربة، فإن البعثة لن تستطيع تقديم الكثير.
وتابع رئيس الحزب الديمقراطي: أبرز ملامح الانقسام أنه لم تتفق الأطراف الدولية حتى على تسمية ممثل خاص للأمين العام في الملف الليبي إلى الآن، وعليه فلا أتوقع نجاح فكرة تكوين فريق حوار جديد، والسعي لإيجاد حل من خلاله، وحتى إن تشكّل هذا الفريق، فإن الحل لن يجد طريقه للقبول على أرض الواقع، وسيرفضه أحد الأطراف الرئيسة على الأقل”.
وأشار صوان إلى أن أمام البعثة دعم خيار بوادر التوافق التي حصلت بين مجلسي النواب والدولة، وما ترتب عليه وهذا واجبها، وهو دعم أي توافق، وتيسير أي تقارب بين الأطراف، ولكن البعثة لم تفعل حتى الآن، وهو ما يضع علامات استفهام كبيرة تجاه دور البعثة ومَن يقف وراءها، ويضغط في هذا الاتجاه من الدول، وهذا ما يدفعنا إلى التوجه نحو جموع الليبيين ودعوتهم إلى الاعتماد على أنفسهم، وعدم لوم أي طرف، وأن لا ينتظروا الحل من غيرهم؛ فلا أحد يُقدّر مصالح الليبيين أكثر من الليبيين أنفسهم، وفق قوله.
توافق مجلسي النواب والدولة
وشدّد صوان على أن فشل مشروع التوافق بين مجلسي النواب والدولة هو فشل نهائي لهذين الجسمين، ورصاصة الرحمة على بقائهما، وعلى ما تبقى من الثقة في قدرتهما على تقديم أو فعل أي شيء، وخروج غير مشرّف من المشهد مع حمل الجزء الأكبر من تبعات الأزمة، وخسارة للوطن، ولهم أيضا.
الانتخابات الرئاسية والبرلمانية
وأشار صوان إلى أن الحزب الديمقراطي يعتقد أن الانتخابات ليست غاية في حد ذاتها، بل هي وسيلة للوصول إلى الاستقرار، وحتى تحقق الانتخابات هذا الهدف فلا بد أن تُهيأ الظروف لإجرائها، ولا يمكن تصور أن تكون الانتخابات بحد ذاتها هي الهدف، ولا بد أن تُجرى في مناخ مناسب في الحد الأدنى، بوجود حكومة قادرة على إنجازها، والقوانين واللوائح، ومن الناحية الأمنية، والمجتمعية وتوفير الرقابة بما يؤدي إلى قبول النتائج.
حكومة الدبيبة والانتخابات
وأضاف صوان أن الجميع كان يتوقع من حكومة الدبيبة أن تضع ملف الانتخابات، وتهيئة الظروف لها في أولى أولوياتها، وهو ما لم يحدث، بل إنها راهنت على استمرار الفوضى لضمان بقائها لثلاث أو أربع سنوات أخرى على غرار الحكومات السابقة، وركزت اهتمامها على سوء التصرف في أموال ومقدرات الدولة لأغراض ترويجية بهدف إطالة استمراريتها في السلطة.
وأشار صوان إلى أن مدة الحكومة الحالية انتهت وتمكنت من إفشال الانتخابات بنكوص رئيسها عن تعهداته، وإعلان وزير داخليتها أن الوضع الأمني لا يسمح بإجراء الانتخابات، وفشلها في ممارسة مهامها من كل مدن ليبيا، إضافة إلى المساهمة في إدخال بعض الأطراف التي فجّرت الموقف السياسي كسيف الإسلام القذافي”.
وتابع صوان: “كل هذا يدعو إلى الحاجة الماسة لحكومة جديدة تعمل من كل ليبيا وتهيئ للانتخابات، وهذا ما نتج عن توافق مجلسي النواب والأعلى للدولة من ضمن خارطة الطريق المُتفق عليها، والتي تنص على أن يتم اختيار حكومة تعمل من جميع أنحاء البلاد لتُمهد الطريق إلى الانتخابات مع الاتفاق على معالجة المسار الدستوري، وعليه فإن أسهل طريق للوصول إلى الانتخابات هو دعم هذا التوافق الذي حصل بإرادة ليبية، وإتاحة الفرصة لحكومة باشاغا حتى تنفذ هذا الاستحقاق المهم.
إغلاقات حقول النفط
وقال رئيس الحزب الديمقراطي إن الحزب ضد إغلاق النفط بشكل كامل، ولا يؤيد هذه الخطوة، لما لها من أضرار على الاقتصاد الوطني، ولكن غياب الشفافية وتعاقب الحكومات الضعيفة والعبث بإيرادات النفط وسوء التصرف في عائداتها، بشكل غير منظم وغير منضبط من خلال المرتبات والعطايا غير المدروسة، والتي ستلقي بظلالها السلبية على الاقتصاد الليبي، ناهيك عن حالات الفساد.
وتابع: “في ظل هذا الوضع الخطير؛ فنحن أيدنا حجب تحويل الإيرادات للبنك المركزي، والاحتفاظ بها في حسابات خارج تصرفه خاصة بعد أن ثبت أن له موقفا سياسيا لا علاقة له بمهنيته كبنك مركزي، والأسلم هو الاحتفاظ بهذه الأموال إلى أن يتم حل مشكلة هذه المشكلة بمؤسسات وبحكومة موحدة، دون تحويلها إلى مصرف ليبيا المركزي، ودون حرمان ليبيا من هذه العائدات، خاصة مع ارتفاع الأسعار العالمية للنفط.
رعاية دولية للأموال الليبية
ورفض صوان ما تدعو إليه بعض الدول من تشكيل لجنة برعاية دولية تشرف على الصرف من الأموال الليبية وتتحكم فيه، لأن ذلك يمس السيادة الليبية، ويُضعف المؤسسات الرسمية، ويُفقد أي حكومة فاعليتها في أداء مهامها، داعيا الأجسام الرسمية خاصة مجلس النواب ومجلس الدولة، إلى الانتباه لخطورة هذا الإجراء الذي يجري الترتيب له هذه الأيام.
ميزانية الحكومة الليبية
وأكد صوان أنه في الأعراف البرلمانية إقرار الميزانية للحكومة هو تعزيز لإجراءات منح الثقة، ويجب على أعضاء مجلس النواب الذين صوّتوا للحكومة ومنحوها الثقة، أن يستكملوا باقي هذا الاستحقاق المهم، مشيرا إلى أنه الأساس الصحيح الذي يجب أن يتم على أساسه صرف الأموال من البنك المركزي، بحيث لا يتجاوزه، ولا يستطيع البنك أن يمتنع عن الصرف، وهذا يجعل البنك يمارس مهامه الأساسية فقط في ظل رقابة وإجراءات صحيحة، وليس كما كان يجري في ليبيا، لا ميزانية، ولا حتى لجنة إدارة فاعلة للبنك المركزي، وهذا الوضع تسبّب في فساد كبير وتداخل في الاختصاصات.