حذر رئيس مؤسسة النفط المقال مصطفى صنع الله من تخريد مجمع رأس لانوف الذي يعتمد في وجوده على المصفاة مؤكدا أن ذلك غير عقلاني وله آثار كارثية ويهدد وجود مدينة رأس لانوف حيث أوضح قائلا
اتفاق تطوير مصفاة رأس لانوف 2009
يسرد مصطفى صنع الله تاريخ إنشاء المصفاة قائلا: “مصفاة رأس لانوف هي أكبر مصافي ليبيا بقدرة إنتاجية 220 ألف برميل يوميا وتشكل 60% من طاقة تكرير النفط في ليبيا وقد دخلت للإنتاج سنة 1984 واستمرت في الإنتاج لمدة 25 سنة (بعمالة ليبية 100%) إلى أن قامت المؤسسة الوطنية للنفط بعرضها للشراكة من أجل تطويرها وزيادة إنتاجيتها
ويضيف “في عام 2009 وقعت المؤسسة الوطنية للنفط اتفاقية شراكة لتطوير المصفاة مع شركة تراستا الإماراتية المملوكة لعائلة الغرير بغرض تطوير المصفاة لتحسين جودة المنتجات ورفع ربحيتها وإنتاجيتها من 80 مليون برميل إلى 130 مليون برميل سنوياَ
وعلى الرغم من أنه قد تقدم للمشاركة شركات متخصصة (مثل عملاقي النفط العالميين كونكوفيلبس وشيفرون الأمريكيتين) إلا أن عائلة الغرير فازت بالعقد على الرغم من أنها لا تمتلك أية خبرة سابقة في صناعة النفط والتكرير الأمر الذي يثير علامات استفهام كثيرة حول سلامة الصفقة ونوايا الشريك”
تراستا ترفض تشغيل المصفاة بعد 2011
تحدث صنع الله إلى تاريخ بدء الخلاف على المصفاة بين ليبيا والشريك الإماراتي ويسرد: بعد ثورة 17 فبراير رفض الشريك إعادة تشغيل المصفاة مالم يوافق الجانب الليبي على تنازلات تؤدي إلى خسارة المؤسسة لأكثر من 240 مليون دولار سنوياً و12 مليار دولار على مدار الشراكة ولمدة 25 عاما لصالح المصفاة المشتركة
وعندما رفضت المؤسسة هذا الابتزاز لجأ الشريك الإماراتي إلى التحكيم الدولي والقضاء في كل من فرنسا وإنجلترا وليبيا رافعا عددا من القضايا وصل عددها إلى أكثر من 8 قضايا مطالبا بتعويضات بعدة مليارات من الدولارات (مستغلاً ظروف عدم الاستقرار في ليبيا) واستمر في تعطيل المصفاة ومجمع راس لانوف البتروكيماوي عن التشغيل حتى اليوم متسببا في خسائر بمليارات الدولارات
ويضيف صنع الله “بفضل الله ثم مجهودات المخلصين من أبناء المؤسسة الوطنية للنفط وإدارة قضايا الدولة وعدالة موقفنا الوطني فقد باء الشريك الإماراتي في 6 قضايا منها بالفشل وسيخسر البقية بعون الله وإصرار المخلصين”
خسائر توقف المجمع الكيميائي للمصفاة
يضيف مصطفى صنع إنه ” من المعلوم أن مصفاة راس لانوف هي المزود الوحيد لمجمع راس لانوف البتروكيماوي بالوقود وبالمادة الخام لتشغيل مصنع الاثيلين وبالتالي مصنع البولي إيثلين وتوفر المصفاة للدولة كامل احتياجاتها من وقود الطيران وغالبية وقود الديزل والزيت الثقيل لتشغيل محطات الكهرباء وتوفر غاز الطهي لكل ربوع الوطن
وقد أدى منع تشغيل المصفاة إلى توقف مجمع راس لانوف الكيماوي تماما عن العمل لأكثر من 10 سنوات كما تسبب في نقص الوقود محلي الصنع الأمر الذي اضطر الدولة إلى شراء وقود الديزل والطيران والزيت الثقيل وغاز الطهي من خارج ليبيا وتكبيد خزانة الدولة مئات الملايين من الدولات واضطرارها إلى صرف جزء من دخل النفط (من حصة الأوبك) لشراء فاقد الوقود من الخارج بمئات الملايين، كما أدى إلى الإضرار بشتى جوانب الحياة بمنطقة راس لانوف وبن جواد بسبب الركود الاقتصادي وتعطيل الأنشطة التجارية التي تعتمد على وجود المجمع”
ويؤكد صنع الله قائلا: “حاليا وبفضل الجهد والإخلاص والإصرار الذي تحلى به المسؤولون عن القضايا من جانب المؤسسة وإدارة قضايا الدولة فقد فاز الجانب الليبي بأهم قضيتي تحكيم (حكما نهائيا بطبيعته) بفض الشراكة وشراء الجانب الليبي لحصة الشريك بعد تقييم تلك الحصة من قبل خبير يتم اختياره من أحد البنوك العالمية ، والأمر الذي لا يحتاج لأكثر من تعيين خبير من أجل تنفيذ نصوص الاتفاقيات وأحكام التحكيم الدولي و استرجاع المصفاة لصيانتها وتشغيلها ، ويتم تعيين الخبير بالتوافق بين المساهمين أو بفرض تعيينه على الطرفين من قبل الغرفة التجارية بباريس”
تهديد لوجود مدينة رأس لانوف
صنع الله يدق ناقوس الخطر في مقالته حيث يقول “إن الحديث عن تخريد المصفاة وبالتالي تخريد مجمع رأس لانوف الذي يعتمد في وجوده على المصفاة، هو حديث لا عقلاني وغير مبرر وله آثار كارثية وتبعات ضارة على منطقة راس لانوف وسكانها ويهدد وجود مدينة رأس لانوف وسوف يعيد الحياة فيها إلى 50 عاما للوراء ويقضي على فرص العمل والتجارة والتعليم والنشاط الاقتصادي والاجتماعي ويؤدي إلى هجرة غالبية السكان منها وتدمير المجتمع القائم الذي يعتمد في وجوده على استمرار بقاء وتشغيل المجمع الصناعي وتطويره وتوسيعه
مشيرا إلى “أن التفريط في الحقوق التي اكتسبتها الدولة الليبية من خلال التحكيم والقضاء الدوليين وأي إهمال في متابعة تنفيذ هذه الأحكام ومحاولة تعطيلها وتمييعها هو تفريط في حقوق ثابتة للدولة وإهدار للمال العام وسوء تصرف في ممتلكات عامة يضع مرتكبيها تحت طائلة القانون وهي من الجرائم التي لا تسقط بالتقادم”
إن ما تحتاج إليه المصفاة لتعود للتشغيل والإنتاج وتعيد الحياة للمنطقة هو إجراء عمرة شاملة غير اعتيادية للمصفاة ولقد تم بالفعل بجهود العاملين بالمصفاة (وهم ليبيون 100%) بإعداد برنامج جاهز للتنفيذ يشمل كافة الأنشطة اللازمة للعمرة والتقديرات المالية وقطع الغيار اللازمة لتنفيذها وذلك على الرغم من رفض الشريك المتواصل لإجراء أي عمرة أو صيانة شاملة على المصفاة ومحاولاته تركها متوقفة لابتزاز الجانب الليبي
ويؤكد صنع الله أن القول بأن المصفاة أصبحت خردة هي ومجمع راس لانوف فهذا كلام غير علمي وغير مبني على حقائق من الواقع ويخشى أن يكون محاولة لبخس قيمة المصفاة والمجمع لأغراض مشبوهة، ولقد تم الخلط عمدا أو جهلاً بسبب عدم الدراية بالفرق بين قيمة المصفاة كأصول ثابتة وقيمة الشركة (ليركو) التي تملك المصفاة والتي عليها التزامات وديون تجاه عدة جهات اعتبارية بالدولة وتجاه العاملين بها
ويضيف ” إن موقف الجانب الليبي في الخلافات القضائية كان ولا يزال قوياً بدليل أن المؤسسة وإدارة القضايا قد ربحتا جميع القضايا المرفوعة من الشريك التي صدرت فيها أحكام سواء أمام هيئات التحكيم أو أمام القضاء المحلي والدولي، والموقف قوي أيضاً في تلك التي ما زالت منظورة أمام التحكيم والمحاكم
ويحذر صنع الله في نهاية مقالته من أن أية تسوية مع الشريك يجب أن تراعي ذلك وأن أية محاولة لتحقيق مكاسب شخصية او سياسية على حساب حقوق الدولة الواضحة سيتم تعريتها والتصدي لها بالقانون وأن المحاولات السابقة من أطراف مختلفة للتنازل عن حقوق الدولة لأغراض شخصية موجودة بالمستندات لدى النيابة العامة والجهات القضائية الليبية