خلافات قائمة تليها قرارات وتصريحات متضاربة.. هذا هو حال قطاع النفط في ليبيا، فالصراع ليس فقط على توقف الإنتاج في الحقول.. بل وصل الحد إلى شخصنة الأمور وتداخل اختصاصات بين قطبي صناعة النفط الليبية.
الخلاف بين وزير النفط والغاز محمد عون ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله ليس وليد اللحظة، فقد سبق وأن اتهما بعضهما بالاعتداء على اختصاصاتهما ووصلت إلى حد الإيقاف والإحالة إلى التحقيق بل وحتى الاتهام بالتجسس على أسرار بعضهما.
محطات الخلاف
أغسطس من العام الماضي كانت شرارة الخلاف بين صنع الله وعون عندما بدأ الأخير بمخاطبة رئيس الحكومة لإعادة تشكيل مجلس إدارة المؤسسة، ويلحقه بخطاب آخر انتقد فيه عمل خصمه وتخطيه مهامه المنوطة به ليصل الأمر في نهاية المطاف إلى تكليف جادالله العوكلي بمهام مدير المؤسسة وهو ما اعتبره عون تجاوزا من صنع الله لمهامه.
استمرت الأزمة وزادت حدة الخلاف، بعودة صنع الله للعمل من طرابلس بشكل اعتيادي ويرد على تحركات عون واتهامه بالتضليل وانتقد قراراته التي تنوي الإطاحة به.
طالت الخلافات تلك الحقول والموانئ النفطية الموجودة على طول الساحل، فمطلع سبتمبر طالب محتجون من أهالي الهلال النفطي بإقالة صنع الله من منصبه وأوقفوا بذلك تصدير الخام إلى حين تنفيذ مطلبهم.
وفي محاولة لمعالجة الإشكال تدخلت الحكومة عبر رئيسها عبد الحميد الدبيبة بعقد اجتماع بين الطرفين لحلحلة الأمور وإبقاء تصدير النفط والمنشآت بعيدة عن المشاكل الشخصية، ليتجاوز بذلك الدبيبة قرار إيقاف صنع الله عن العمل والصادر من محمد عون حينها.
ولأن عودة صنع الله لم ترق لعون أصدر قرارا مرة أخرى بإيقافه عن العمل بحجة ارتكابه مخالفات إدارية وإحالته إلى التحقيق، ولكن رئيس المؤسسة أكمل مهامه وفقا لتوجيهات رئيس الحكومة بعمل الطرفين بالتعاون دون أي يضر بمصالح البلاد واقتصادها.
تضارب المواقف استمر وطال إنتاج ليبيا من الخام.. وصل الحال إلى إغلاق صادرات النفط دون أسباب تذكر من الطرفين، آخرها تصريحات المؤسسة بإيقاف التصدير من 6 موانئ لسوء الأحوال الجوية، ردت عليها الوزارة بالتشكيك في أسباب التوقف مستندة على بيانات مركز الأرصاد الجوية أن حالة الطقس لا تستدعي الإيقاف.
الجولة الأخيرة من التنافس جاءت بعد إغلاق صمامات الرياينة التي تتحكم في خط نقل النفط من حقلي الشرارة والفيل التي أجبرت المؤسسة على إعلان حالة القوة القاهرة، حيث خرجت وزارة النفط بعدها بيوم لتعلن إنهاء الإغلاق وفتح الصمامات استعدادا لعودة استئناف الإنتاج، إلا أن مؤسسة النفط سارعت بعد وقت قصير إلى نفى عودة الإنتاج مؤكدة مرة أخرى استمرار إغلاق صمامات الرياينة وتوقف الحقلين عن العمل.
خسائر باهظة
زيادة التوتر بين الأطراف والتناقض في التصريحات ساهم بشكل كبير في خسائر يومية تقدر بملايين الدولارات خاصة وأن إنتاج تلك الحقول تعد من أكبر الحقول المنتجة للخام، بإجمالي طاقة تتجاوز 330 ألف برميل يوميا.
ويرى البعض أن الخلافات أثرت بشكل واضح على ليبيا بعد أن قاربت على إنتاج يقدر ب 1.2 مليون برميل ولم تستفد المؤسسة من أسعار النفط العالمية والتي ناهز سعر البرميل فيها 140 دولارا لأول مرة له منذ 2008 ما يعني أن صادرات الخام وتوقفها في الوقت الحالي لا يصب في مصلحة ليبيا وهي المستثناة من خفض إنتاج الأوبك.
ويظل قطاع النفط ورقة مساومة في كافة الصراعات السياسية منها والعسكرية وهو ما ينعكس على عجلة الاقتصاد وهو المصدر الأول والأخير للبلاد.