يبدو أن الطريق نحو 24 من ديسمبر لم يعد سالكا قبل أسبوعين فقط من حلوله، فلا المفوضية العليا للانتخابات استطاعت الخروج باللائحة النهائية للمرشحين، ولا الحكومة أيضا نجحت في بسط سيرتها على كامل الترابي الليبي للحيلولة دون الاعتداءات على المفوضية والمراكز التابعة لها.
تطرح هذه المعطيات الكثير من الأسئلة حول مستقبل العملية الانتخابية وما إذا كانت ستجرى في موعدها المحدد؟ أم إن شبح التأجيل قادم لامحالة؟
الوضع الأمني
فجر الأربعاء استيقظت العاصمة طرابلس على اعتصام داخل مقر المفوضية العليا للانتخابات، وقبل ذلك أعلنت المفوضية عن اعتداءات شملت مراكز توزيع بطاقات الناخب، إلى جانب إغلاق مقرات تابعة للمفوضية في الزاوية ومصراتة، وطرابلس، احتجاجا على ترشح سيف الإسلام القذافي، وخليفة حفتر.
على الأرض لم تستطع حكومة الوحدة الوطنية كبح جماح الاعتداءات المستمرة على المراكز الانتخابية، أو فتح تحقيق فيها، في ظل غياب خطة تأمين واضحة من وزارة الداخلية.
ما يُعقد عملية التأمين بحسب مراقبين هو عدم سيطرة الحكومة على جميع الترابي الليبي، التي تتقاسم السيطرة عليها مجموعات مسلحة تتبع ظاهريا مؤسسات الدولة لكن مصالحها تتعارض عادة مع ما تريده الحكومة وهو ما يعني عدم تنفيذ الأوامر الصادرة عنها في كثير من الأحيان.
الاستقطاب السياسي
سياسيا يتواصل الاستقطاب بين الأطراف السياسية المؤيدة والمعارضة للانتخابات القادمة، وبينما يحذر بعضها من تأجيل الانتخابات، يدعو آخرون إلى تصحيح المسار لإنقاذ العملية الانتخابية من الفشل.
مطالب بإنقاذ العملية الانتخابية
وطالب 17 عضوا في ملتقى الحوار السياسي، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ومجموعة العمل السياسي لمؤتمر برلين، بوقف العبث بالعملية الانتخابية للمحافظة على المسار السياسي كون انعقادها في الظروف الحالية سيترتب عليه نتائج وخيمة تزعزع استقرار الكيان الليبي.
وحث أعضاء ملتقى الحوار في رسالة موجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش على تغيير طاقم البعثة الأممية في ليبيا، بسبب الشبهات حول انتفاء مبدأ تعارض المصلحة، وارتباط بعض أفرادها بأطراف الصراع بشكل مباشر، إلى جانب الكشف عن الملحق 13 من تقرير لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن.
وأضاف الأعضاء 17 “استئناف المسار السياسي بعد إعادة هيكلته للوقوف على المسؤوليات المناطة به تجاه ما يعيق تنفيذ خارطة الطريق للمرحلة التمهيدية ولاقتراح المعالجات المناسبة لما يعترض تطبيقها، والتي تهدد بانهيار العملية السياسية والمسار بأكمله”.
مبادرة المجلس الأعلى للدولة
المجلس الأعلى للدولة المعارض الأبرز للعملية الانتخابية الحالية، طرح اليوم مبادرة تقوم على إجراء الانتخابات الرئاسية بالتزامن مع الانتخابات النيابية في فبراير 2022.
وتنص المبادرة الجديدة وفق بيان نشره المجلس الأعلى للدولة، على أن الانتخابات النيابية تجرى وفق القانون الذي أعده المجلس الانتقالي، وانتخب بموجبه المؤتمر الوطني العام عام 2012 .
بينما تجرى الانتخابات الرئاسية وفق المبادرة، بنظام القائمة برئيس ونائبين ورئيس حكومة وفقا للتعديل الدستوري 11 الصادر في 2018 عن مجلس النواب، على أن تكون الدورة الزمنية لمجلس النواب والرئيس 4 سنوات لدورة واحدة غير قابلة للتجديد.
أمام الاستقطاب السياسي الحاصل، والاتهامات المتبادلة بين الأطراف السياسية، وعدم قدرة المفوضية على إنهاء المراحل التي تسبق يوم الاقتراع في وقتها المحدد، وانعدام السيطرة الأمنية للحكومة الحالية، ما مصير موعد الانتخابات؟ وما المتوقع أن يحدث في حال تأجيلها؟
صحيح أن المجتمع الدولي مازال يدفع في اتجاه إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، لكن المعطيات على الأرض قد ترسم مسارا أو موعدا جديدا للانتخابات الحالية.
مناقشة حول هذا post