كشف تحقيق استقصائي لموقع العربي الجديد عن تضارب بيانات الإيرادات النفطية التي تشكل 95% من دخل الدولة الليبية، مؤكدا أن إدارتها لم تتسم بالشفافية وتفعيل الدور الرقابي المطلوب في التعامل مع المال العام.
تضارب بقيمة 720 مليون دولار
ويوثق تحقيق العربي الجديد تضاربا في بيانات الإيرادات النفطية بين المؤسسة الوطنية للنفط، ومصرف ليبيا المركزي، ووزارة المالية، عبر مقارنة بيانات تلك الجهات وتقارير ديوان المحاسبة؛ الجهة التي تمثل السلطة الرقابية المالية في البلاد.
فقد بلغت الإيرادات النفطية 13 مليار دولار في عام 2017، وفق ما أعلنته المؤسسة الوطنية للنفط في عام 2018، فيما أوردت النشرة الاقتصادية الصادرة عن مصرف ليبيا المركزي للربع الرابع من عام 2017، أن إيرادات ذات الفترة بلغت 13 مليارا و720 مليون دولار أميركي، وفق سعر صرف الدولار المقدر حينها بـ 1.4 دينار، أي بزيادة قدرها 720 مليون دولار.
تباينات كبيرة خلال 2020
بلغت الإيرادات النفطية المودعة لدى مصرف ليبيا المركزي خلال الفترة من 1 يناير حتى 31 أكتوبر من العام 2020، 3.765 مليارات دولار وفق سعر المصرف المركزي في ذلك الوقت، بحسب الموقع الرسمي للمؤسسة الوطنية للنفط.
ولكن مصرف ليبيا المركزي أكد في رسالة تحصلت عليها العربي الجديد، تحمل رقم 1208/2 موجهة إلى المؤسسة الوطنية للنفط في 24 نوفمبر 2020، أن تلك الإيرادات تشمل مبلغ 2.871 مليار دينار عن صادرات 2019 وُردت في عام 2020.
ووثق التحقيق، عبر تقرير ديوان المحاسبة لعام 2020، أن إجمالي ما حُصل من إيرادات مبيعات المؤسسة الوطنية للنفط الخارجية من النفط الخام والغاز والمكثفات والبتروكيماويات خلال سنة 2020 مبلغ قدره 5 مليارات و527 مليوناً و708 آلاف و679 دولاراً.
وما وُرِّد منها إلى حساب الإيراد السيادي لدى المصرف الليبي الخارجي 3 مليارات و422 مليونا و969 ألفا و286 دولارا، متضمنا مبلغا قدره مليار و588 مليونا و339 ألفا و077 دولارا تمثل تحصيلات فواتير سنة 2019.
وبحسب البيانات الواردة من إدارة حسابات التسويق، فإن إجمالي الإيرادات المحتفظ بها في حسابات المؤسسة ولم تحول إلى الحساب السيادي 2 مليار و95 مليونا و61 ألفا و440 دولارا.
ما السر خلف التضارب؟
تكشف مراجعة بيانات المؤسسة الوطنية للنفط أن الإيرادات المحصلة منذ بداية يناير وحتى ديسمبر من عام 2021 بلغت 21.608 مليار دولار أميركي، بينما تقول بيانات إدارة الخزانة بوزارة المالية إن المبالغ المحصلة فعلا والمودعة في حساباتها لذات الفترة، 22.883 مليار دولار.
ووفقا للتحقيق، فإن الفارق في مبيعات تخص سنة 2020 أودعت في حسابات الوزارة خلال سنة 2021، وعلى الرغم من ذلك إلا أن الإيرادات الحقيقية تفوق هذا الرقم، إذ تبين أن المؤسسة الوطنية للنفط قايضت النفط الخام المنتج بمحروقات خارج الموازنة العامة دون الإفصاح عن ذلك لوزارة المالية.
وبلغت القيمة خلال عام 2021 3 مليارات و654 مليونا و520 ألفا و517 دولارا، بالمخالفة للقانون المالي للدولة وبشكل يظهر موارد الدولة ونفقاتها على غير حقيقتها، وفق تقرير ديوان المحاسبة الصادر عام 2021.
رأي أكاديمي
ويرى الأكاديمي الليبي سليمان الشحومي أن السبب في تضارب بيانات الموارد النفطية بين مؤسسة النفط ومصرف ليبيا المركزي، هو عدم المطابقة الدورية لحسابات الإيرادات المالية العامة بين وزارة المالية ومؤسسة النفط.
ويقول الشحومي: “دائما هناك فرق بين عمليتي التصدير من جهة وتحصيل الإيرادات وتوريدها عبر الحسابات المصرفية من جهة أخرى”، مؤكدا عدم انتظام عملية تحويل الإيرادات إلى حسابات المالية العامة لدى مصرف ليبيا المركزي.
مناقشة حول هذا post