بعد فشل الرهان على إجرائها في موعدها المحدد وهو الجمعة الماضي 24 من ديسمبر، يغيب الحديث عن الانتخابات في جلستين لمجلس النواب هذا الأسبوع، وهو المعني الأول بتحديد موعد جديد لإجرائها؛ حسب ما كررت مرارا المفوضية العليا للانتخابات، ومستشارة الأمم المتحدة في ليبيا ستيفاني وليامز.
تحول مسار الجلستين الماضيتين عما يشغل الشارع الليبي، إلى بحث أمور لاعلاقة لها بالواقع الحالي، بعد استعراض المجلس لمشروع قانون الاتحادات والنقابات، وملفي العلاج بالخارج، والمناصب السيادية، بدل الانتخابات، بدى الأمر أشبه بهروب من المسؤولية والبحث عن أشياء أخرى لتضييع الوقت.
وبما أن البرلمان ينظر إليه كسلطة منتخبة فكان لابد أن يُعلن لليبيين عن خارطة طريق جديدة بعد استنفاذ الجداول الزمنية الواردة في خارطة الطريق الماضية.
اكتفت رئاسة هيئة المجلس في اجتماعها مع لجنة خارطة الطريق، ببحث آليات عملها لوضع خارطة طريق للمرحلة القادمة؛ للوصول إلى الاستحقاق الوطني بإجراء الانتخابات وفقًا لإرادة الشعب الليبي، من خلال المعطيات الحالية للعملية الانتخابية، والتواصل مع كل الجهات والأطراف المعنية لوضع خارطة طريق للمرحلة المقبلة.
يرى البعض أن إعلان مجلس النواب تشكيل لجنة لوضع خارطة طريق جديدة للانتخابات ماهي إلا محاولة للبحث عن ذرائع، خصوصا أن مجلس النواب له تاريخ طويل في المناورة السياسية، وتضييع الوقت من أجل البقاء في السلطة.
وتعالت الأصوات داخل مجلس النواب يوم أمس بضرورة إشراك المجلس الأعلى للدولة في وضع قاعدة دستورية للانتخابات، لكن البعض تساءل كيف لمجلس النواب أن يدعو لمشاركة الأعلى للدولة وهو الذي رفضها خلال إعداده قانون الانتخابات الماضي.
واقترحت المفوضية العليا للانتخابات الأربعاء الماضي، تأجيل الانتخابات الرئاسية لشهر واحد، بعد ساعات قليلة من إعلان اللجنة البرلمانية استحالة تنظيمها في موعدها المحدد.
ورغم أن تحديد موعد جديد للانتخابات مازال رهن مشاورات ووساطات وضغوط لاتعرف خاتمتها، مازالت الأطراف السياسية تتبادل المسؤولية عن عدم إجراء الانتخابات.
يرى مراقبون أن العملية السياسية خرجت عن مسارها بشكل خطير عندما سنّ البرلمان بقيادة عقيلة صالح قانونا انتخابيا مثيرا للجدل في سبتمبر دون التصويت عليه، مؤكدين أن هذه العقبة ذات الطابع القانوني والتشريعي أساسية قطعاً لشرح فشل الانتخابات.
إلى جانب ذلك لايبدو مجلس النواب الذي يتهرب من تحديد موعد جديد للانتخابات هو المستفيد الوحيد من تأجيلها فالأطراف السياسية الأخرى ومنها المجلس الأعلى للدولة لعبت دورا في إفشال الانتخابات، عبر خلق مناخ غير ملائم للانتخابات، إلى جانب التدخلات الأجنبية التي كان لها دور هي الأخرى في عدم إجراء الانتخابات.
في الشارع تبدو خيبة الأمل كبيرة، حيث كان الليبيون يأملون أن تكون الانتخابات الرئاسية التي كان من المقرر تنظيمها الجمعة الماضي، عرسا وطنيا وفرصة لا تهدر لإعادة بناء بلادهم بعد سنوات من العنف والدمار ، وعدم الاستقرار السياسي.
لكن التجاذبات السياسية، وتضارب المصالح، وكثرة المتدخلين الخارجيين ونقص التنظيم؛ حال دون تحقيق هذا المبتغى؛ ووقفت هذه العقبات صامدة أمام عبور ليبيا من الأزمة السياسية إلى بر الأمان.
مناقشة حول هذا post