طرحت الأحداث المتسارعة في سوريا وسقوط نظام بشار الأسد وفراره إلى روسيا تساؤلات عدة عن الوجود الروسي ومدى خسارته لنفوذه في سوريا وتحويل ثقله العسكري إلى ليبيا تعزيزا وتوسيعا لقوته في القارة الإفريقية.
واستعرض موقع “إنسايد أوفر” الإيطالي احتمالات تأثير أحداث سوريا على الوضع في ليبيا، فيما تساءلت “لوبوان” الفرنسية من جهتها عن خيارات روسيا في ليبيا بعد انهيار حليفها في سوريا.
وأوضح الموقع الإيطالي في تقرير له أن التحوّلات في سوريا قد تؤثر على التوازنات في الدول المجاورة وغيرها من دول المنطقة، وقد يشمل ذلك ليبيا، لافتا إلى أن ما حدث في سوريا يشكل تهديدا كبيرا للمصالح الروسية في المنطقة وقواعدها الموجودة هناك، ومنها قاعدة طرطوس البحرية في البحر الأبيض المتوسط.
ونقل الموقع عن مصدر دبلوماسي أن الروس لن يبقوا مكتوفي الأيدي في بنغازي، لأن القاعدة الروسية في ليبيا قد تتعرض لسيناريو مشابه لما حدث في سوريا.
وحسب المصدر ذاته، يمثل شرق منذ ثمانية أعوام نقطة محورية للكرملين، ويخشى كثيرون في الوقت الراهن أن تتأثر المناطق التي يسيطر عليها الجنرال خليفة حفتر وقواته بما يُعرف بتأثير الدومينو.
وتابع المصدر بأن الخوف الحقيقي لدى حفتر أن تتخلى موسكو عن حلفائها في المنطقة، ويصبحون بالتالي هدفا سهلا لهجمات مناوئة، حيث
نقل الموقع عن مصادر مقربة من حفتر، أن الأخير لديه رؤية بعيدة المدى، ويعلم أنه إذا تمسك بروسيا حليفا وحيدا، فإن حكمه في غرب ليبيا سيكون في خطر.
وهذا يفسر -حسب الموقع- التقارب بين مقربين من حفتر وبعض المسؤولين الأتراك، حيث ظهرت بين أكتوبر ونوفمبر الماضيين صور من داخل مقر قيادة الجيش الذي يقوده حفتر في بنغازي، لاجتماعات بين مسؤولين ومبعوثين أتراك وعدد من مساعدي حفتر.
من جانبها، اعتبرت مجلة “لوبوان” أن تخلي روسيا عن دعم حليفها بشار الأسد أمام الثوار في سوريا يفتح المجال أمام احتمالات إعادة ترتيب الوضع في ليبيا، ولاحقًا في منطقة الساحل الأفريقي.
وتوقعت المجلة أن يلهب سقوط بشار الأسد نيران “الربيع العربي”، التي لم تكن قد خمدت بشكل كامل، معتبرة أن ليبيا المقسمة إلى شرق وغرب، قد تكون مسرحا لصراع قوى خارجية؛ بسبب الأطماع في مخزونها الكبير من النفط والغاز، وموقعها الإستراتيجي.
وأضاف التقرير الفرنسي أنه من المنتظر أن تركز روسيا بشكل أكبر على ميناء طبرق الذي شهد وضع حجر الأساس لتشييد قاعدة بحرية، ستُنقل منها المعدات لاحقًا باتجاه وسط البلاد، ثم يُرسل جزء منها إلى النيجر وتشاد.
ووفق مجلة “لوبوان” تسعى روسيا بذلك إلى تعزيز طموحاتها في أفريقيا، انطلاقا من مالي، وصولا إلى جمهورية أفريقيا الوسطى، في ظل احتمالات خسارة قاعدتها البحرية في طرطوس وقاعدتها الجوية في حميميم.
واعتبرت المجلة الفرنسية أن الجانبين التركي والروسي يقفان حاليا أمام خيارين، إما التفاوض على إعادة توزيع مناطق النفوذ أو المواجهة، وهو ما تفرضه معادلة سقوط النظام في سوريا واحتمالات تركيز روسيا على ليبيا لتعويض تلك الخسارة.
أمريكيا، رأى معهد دراسة الحرب أن يؤدي فقدان القواعد الروسية في سوريا إلى تعطيل اللوجستيات الروسية وجهود إعادة الإمداد وتناوب عمل الفيلق الإفريقي، ما يضعف بشكل خاص عمليات روسيا وفرض قوتها في ليبيا وأفريقيا جنوب الصحراء.
ونبه المعهد الأمريكي من أن روسيا ستسعى للاستفادة من وجودها في ليبيا أو السودان كبدائل، مردفا أن الافتقار إلى الاتفاقيات الرسمية مع هذه البلدان والبنية التحتية غير الكافية يجعل منها بدائل غير كافية.
وكشفت جريدة التلغراف البريطانية بأن القوات الروسية قامت بتحصين القواعد الجوية في ليبيا وإضافة منشآت جديدة وتجديد المدارج وتعزيز الدفاعات المحيطة.
وأفاد تحليل تلغراف بوجود ثلاث قواعد جوية ليبية تهبط فيها طائرات نقل عسكرية روسية ومدارج مطورة ودفاعات محيطية معززة ومبان جديدة وهي تغييرات حدثت جميعها هذا العام.
وتشير التحديثات التي رصدتها الأٌقمار الاصطناعية إلى أن روسيا تكثف بشكل كبير وجودها العسكري في ليبيا، وذلك بفضل الشراكة المتنامية مع حفتر، الذي يسيطر على المنطقتين الشرقية والجنوبية من البلاد.
ويقول خبراء إن السيطرة العسكرية في ليبيا تسمح لروسيا أيضا بالتحرك من شرق البحر الأبيض المتوسط حيث تسيطر على مواقع ساحلية في سوريا وصولا إلى جنوب البحر الأبيض المتوسط عبر ليبيا.
وفق تلغراف تعمل ليبيا نواة لعمليات روسيا سريعة التوسع في أفريقيا، مما يمهد الطريق لمزيد من الوصول إلى بلدان مثل السودان ومالي وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى.
مناقشة حول هذا post