وثق كتاب ” السياسة ولعبة الأمم في ليبيا” العدوان على طرابلس لمؤلفيه عبد الرزاق العرادي ونزار كعوان سيرورة أحداث شن هجوم مباعث في الرابع من أبريل 2019 من قوات حفتر والدول الداعمة له للسيطرة على العاصمة طرابلس واستكمال مشروع العسكرة.
وجمع الكتاب بين البحث الميداني وشهادات القادة السياسيين والميدانيين الليبيين والدوليين، رغم أن الكتاب لم يستطع الإحاطة الكاملة بكل تفاصيل الملاحم والبطولات العسكرية التي خلدها أسود بركان الغضب، وهي دين على من عايشها وشهد وقائعها أن يسطرها على الورق للأجيال القادمة، لمعرفة قدر الرجال الذين ذادوا عن العاصمة طرابلس.
وفي السابع من أبريل، أعلن الناطق الرسمي باسم قوات حكومة الوفاق الوطني محمد قنونو انطلاق عملية عسكرية شاملة لتطهير المدن الليبية، تحت اسم عملية بركان الغضب.
حيث تحركت القوات الحكومية وفق خطط للرد على هجمات خليفة حفتر، حينها أكد قنونو أن الجيش متمسك بمدينة الدولة ولن يسمح بعسكرتها.
وكان يقود محاور بركان الغضب عسكريون وقوات مساندة فمحور السواني، كان بقيادة محمد الحصان وحسين الشات ومحور العزيزية بقيادة الرائد محمود بن رحب ومحور الهيرة بقيادة عماد الطرابلسي، ومحور طريق المطار يقوده عبد الغني الككلي ومحور عين زارة بقيادة عدد من القادة نظرا لتشعبه..
واستطاعت قوات الوفاق إعادة السيطرة على منطقة عين زارة واليرموك ومنطقة السواني والعزيزية، ونجحت في قطع الطريق الرابطة بين مدينة غريان وطرابلس وتحرير مدن المنطقة الغربية أهمما صرمان ومصراتة والأصابعة وقاعدة الوطية، لكن تحرير ترهونة كان المعركة الأبرز وهي آخر قلاع حفتر في الغرب الليبي، خاصة أن قوات حفتر كانت مدعومة من مرتزقة فاغنر.
الميزان العسكري انقلب من جديد لصالح حفتر مع بداية خريف 2019 ، وهو ما يعني بالضرورة دخول متغير جديد تمثل في دخول المساندة القتالية واللوجستية لشركات أمنية أرسلت مرتزقة، كان أبرزها مجموعة الفاغنر الروسية التي لها أهداف أخرى وهي؛ الانتقام من حكومة الوفاق الوطني لعدم تجاوبها مع الإفراج عن الروسي مكسيم شوغالي، والعمل على تحريره، وفي الوقت ذاته خدمة الإستراتيجية الروسية وتعزيز الحضور غرب المتوسط بدعم حليف روسيا سيف الإسلام القذافي في الانتخابات.
وتسلمت قوات فاغنر الروسية زمام المعركة بالكامل جنوب طرابلس، وتغيرت بذلك المعركة لصالح حفتر، وبدأت قوات فاغنر تتقدم صوب العاصمة تحت غطاء ناري كثيف، وتغير واضح في الخطط والإستراتيجيات.
لقد شكل دخول مرتزقة فاغنر الفارق الذي غير مجريات المعركة لصالح حفتر، وأربكت تكتيكاتهم العسكرية قوات الوفاق، وأصبح من الضروري الإسراع في دخول الحليف التركي ردعا للمتغير الجديد في المعركة.
أواخر نوفمبر 2019 دخلت الاتفاقية الليبية التركية حيز التنفيذ، وقلبت موازين القوى رأسا على عقب، وبدأت حكومة الوفاق تتقدم عسكريا ودبلوماسيا، وبدأت قوات فاغنر تنسحب بعد شهور من الحرب القذرة باستخدام الطائرات المسيرة والصواريخ الموجهة ومنظومات بانتسير فضلا عن الدعم المالي والاستخباراتي، ولم تفلح قوات حفتر داعموه في اقتحام العاصمة
وإجمالا، يعد الكتاب وثيقة حية ومهمة في تأريخ مراحل العدوان وعمية بركان الغضب، رغم أنها ما زالت بحاجة إلى مزيد من النضج، كون أن باب التصحيح والإضافة مفتوح أمام الشهود إنصافا للشهداء، فهي توثق أحداث ملحة بطولية ومعركة من معارك الغزة التي تتطلب توخي الدقة في نقل المعلومة وتوثيقها للأجيال القادمة لاستلهام مبادى خوض معارك الحرية التي قادها الأجداد ضد الاستبداد والتآمر على حرمة الوطن.
مناقشة حول هذا post